-
°C
+ تابعنا

افتتاحية.. بقلم: أمين نشاط

الرئيسية أخبار الشمال تفكيك الغموض الذي يلف مستقبل التهريب المعيشي بباب سبتة

تفكيك الغموض الذي يلف مستقبل التهريب المعيشي بباب سبتة

كتبه كتب في 3 نوفمبر 2019 - 3:37 م

قبل الخوض في معنى كلمة “التهريب المعيشي” يجب أولا الحديث عن التهريب و الإحاطة بجميع الجوانب المتعلقة به. فالتهريب هو نشاط اقتصادي غير قانوني يقوم بواسطته مجموعة من التجار الكبار على إدخال كميات ضخمة من السلع و المواد عبر معبر باب سبتة دون أداء الرسوم الجمركية او الخضوع للاجراءات الأمنية المعمول بها في المعابر الحدودية عموما، و بالتالي ومن أجل ضمان هذه العملية فإن هؤلاء المهربين يعملون على توظيف مجموعة من النساء و بعض الفئات الهشة كغطاء لنشاطهم الغير قانوني.

و بالتالي، يتم إلصاق كلمة “معيشي” لهذا التهريب في استغلال غير انساني و انتهازي صارخ لشريحة واسعة من النساء و الأشخاص في وضعية صعبة و هشة حيث يتم استقطابها لهذا العمل كواجهة من اجل اضفاء الشرعية على هذا النشاط الغير القانوني و توجيههم كآلية للضغط لجني أرباح هائلة من طرف مافيا التهريب مع تقديم مبالغ بخسة لهم في المقابل.

و من أجل استبيان المتضررين الحقيقيين من إيقاف هذا النشاط يكفي الرجوع إلى الضغوطات التي تمارسها تمثيليات التجار بمدينة سبتة على الحكومة المحلية، حيث أكدوا انهم يعيشون حالة كساد اقتصادي خانق يهدد ديمومة نشاطهم. و في الجانب المغربي يعمل المهربون الكبار على ترويج بعض المغالطات و رسم صورة قاتمة من أجل حشد بعض النساء للقيام باحتجاجات من أجل الضغط على السلطات المغربية لايجاد حل لاعادة فتح المعبر المغلق متجاهلين الاضرار الاقتصادية، الاجتماعية، الصحية و الامنية التي يسببها هذا التهريب المنظم.

فالتهريب يفاقم الأزمة ولا يحل مشكلة التشغيل في الأقاليم الشمالية، كونه يساهم لا محالة في تكريس هشاشة البنية الاقتصادية المحلية و افلاس مجموعة من المعامل الصناعية و تحويلها لمجرد مستودعات و مخازن للسلع المهربة
بل يساهم أيضا في قتل كل المبادرات التي من شأنها خلق فرص للتنمية الاقتصادية وخلق فرص للشغل والرفع من مستوى إنتاجية هذه المناطق.

أما في المجال الاجتماعي فقد عملت مافيا التهريب على استقطاب مجموعة من سكان مدن الوسط و الجنوب المغربي من اجل ان يستقروا بمدن الشمال و استصدار جوازات سفر تمكنهم من المرور عبر المعبر، و بالتالي عرفت هذه المدن ضغطا كبيرا في مجالها العمراني مما ادى الى ظهور بؤر البناء العشوائي.

ومن الجانب الصحي، عدة تساؤلات تطرح بخصوص طبيعة السلع و المواد المهربة، فكيف يمكن تفسير استقدام آلاف الأطنان من السلع الغير صالحة للاستهلاك تتجاوز 1000 طن يوميا بصورة مهينة للبشرية دون مراقبة المصالح المعنية وبيعها للمستهلك المغربي دون حسيب أو رقيب. علما أن هاته السلع ممنوعة أصلا في اوربا وفي المحلات القانونية لسبتة.

كما ان مجموعة من المواد الغدائية المنتهية الصلاحية يتم تزوير تاريخ صلاحيتها و تخزينها داخل مستودعات خاصة في انتظار ادخالها عبر باب سبتة و ذلك بواسطة “ممتهني التهريب المعيشي” في غياب تام لأي نوع من المراقبة.

و لعل كون مدن الشمال من اكثر المدن تسجيلا لعدد المصابين بمرض السرطان هو خير دليل على خطورة المواد التى تهرب و يتم استهلاكها بشكل واسع من طرف سكان هذه المناطق (خصوصا الجبن، علب التون، العصائر…).

لكن تبقى الخطورة الامنية” للتهريب المعيشي“من بين أهم المحاور التي يجب التركيز عليها نظرا للكيفية التي تمر بها العملية، حيث تعمل مافيا التهريب على تقسيم الكمية الاجمالية المراد ادخالها عبر المعبر مع تخصيص كمية معينة من السلع تبلغ حوالي 60كيلوغرام يتم تغليفها بعناية و اعطاؤها لممتهني التهريب المعيشي لادخالها من المعبر مقابل مبالغ معينة يتم الاتفاق عليها مسبقا، و هنا تتجلى الخطورة حيث يمكن خلال هذه العملية دس بعض المواد الخطيرة و بالتالي دخولها التراب الوطني بعيدا عن أعين المراقبة.

و في الختام، على كافة شرائح المجتمع المشاركة لبلورة رؤية منسجمة مع تطلعات التنمية الشاملة لبلدنا وفق نمودج تنموي قابل للتحقيق عماده الإرادة القوية والقدرات الذاتية والإمكانات المتاحة، كدعم النشطة المدرة للدخل و التعاونيات المحلية من اجل ابتكار منتجات بديلة لتسويقها في الأسواق المحلية وتصديرها نحو الأسواق المجاورة، ما سيمكن حثما من خلق الثروة وإنعاش سوق الشغل والمبادرة الحرة.

وهذا الهدف رهين بوضع حد لظاهرة التهريب المنظم والمتخفي وراء اسماء مصطنعة من قبيل التهريب المعيشي أو التجارة الحدودية أو اسماء أخرى لكبح كل الأصوات المنددة به وعدم الرضوخ لضغط شرذمة من المهربين الكبار الذين يجنون وحدهم من وراءه ارباحا طاءلة تقدر بملايير الاوروات ودون استفادة تذكر للعاملين الصغار به كالحمالين.

فعدونا هو الجهل المطبق على هاته الفئات ومن الواجب على كل القوى الحية بالمجتمع العمل على الرفع من درجة الوعي لها وتقوية قدراتها على ابتكار وخلق التروة عبر التكوين والتمكين كما على المواطنين عدم تشجيع المنتجات المهربة لما لها من ضرر على المجتمع ووضع حد بعدم اقتناءها أو بيعها. فالتهريب يكبد الدولة خسائر سنوية تتجاوز ملياري درهم حسب ما صرح به المسؤول الأول على إدارة الجمارك.

وعلى الحكومة الانصات إلى الآلام التي تأتي من ظاهرة التهريب المنظم وعدم السماح به والضرب بيد من حديد لكل من سولت له نفسه الأضرار باقتصاد البلد وتشويه صورته والضغط على مؤسساته بغرض محاباة المهربين الكبار.

شارك المقال إرسال
تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .