ربما الإختلاف الوحيد بينهم وبين الصامتات هو أنهن قررن كسر جدار الصمت وهدم الطابو المسكوت عنه منذ زمان، وذنبهن الوحيد أنهن يشركن جميعهن في علاقة شغلية مع المتهم وفي نفس غرفة العمليات وهي محل الشغل.
لكن عقلية المجتمع الذكوري لبعض الفئات التي تعتبر المرأة مدانة إلى أن تثبت براءتها دائما تلوم المرأة غير مكترثين للقاعدة الجوهرية في قواعد ضمانات المحاكمة العادلة التي هي قرينة البراءة والتي تم تأويلها بشكل منحرف لضرب حقوق الضحايا.
فإن كان الإصل هي البراءة، فإن تشديد العقوبة مرتبط ببعض التهم كالإغتصاب أو الإعتداء الجنسي.
أما المدافعين بشكل مطلق عن بوعشرين متجاهلين حقوق الضحايا مؤولين صمتهن لمدة طويلة على أنه دليل على رضائية العلاقات بين الطرفين من أجل نفي تهمة الإغتصاب أو محاولة الإغتصاب أو التحرش، يجب عليهم أولا الإجابة عل هذا السؤال، متى كانت العلاقة بين المشغَّل والمشغِّل متكافئة ؟ وكيف يمكن تغييب السلطة المعنوية لرب العمل في هذه العلاقة ؟
قانونيا لتكون العلاقة رضائية يجب أن تكون بين طرفين متوازيين ويجب توفر شرط القبول والرضى بينهما مع غياب أي عنصر للإكراه، سواء الإكراه المادي أو المعنوي.
ومن بين التساؤلات الأخرى التي يمكن أن نطرحها، لمذا كل ضحايا المتهم تربطهن علاقة شغلية مع المتهم ؟
بالإضافة لمكان الشغل الذي تدعي الضحايا أنه جرت فيه ممارسة الإعتداء الجنسي عليهن، إذن، هذين العنصرين العلاقة الشغلية ومحل الشغل يؤكدان إنعدام الرضائية ووجود إكراه معنوي وقد يتخذ أبعاد ترهيبية أو ترغيبية.
وفي عودة للموضوع، فالضحايا اليوم أمام امتحان تاريخي إما أن يخترن الخروج منتصرات في قضية قضائية أو قويات في معركة اجتماعية.
واليوم على الضحايا تقديم كل الشهادات والأدلة على تعرضهن لاعتداء جنسي من أجل جبر ضررهن ورد الإعتبار لهن، ومن حق دفاع بوعشرين أيضا أن يقدم كل الحيثيات والحجج من أجل تبرئة موكله.
ولكن على الجميع عدم التسرع في تبرئة المتهم حتى تقول المحكمة كلمتها الأخيرة.
وفي الأخير، يمكن أن نعتبر الجرأة والشجاعة التي تحلت بها الضحايا ومواجهتهن للتشهير والإعتداء على حياتهن الخاصة هي الخطوة الأولى من أجل قطع الطريق على من أراد أن يسيس قضية حقوقية بكل تجلياتها، والقطع مع هذه الأفعال التي تهين المرأة وتغتصبها في روحها قبل اغتصاب جسدها.
ويجب على العدالة اليوم أن تحاسب كل من يستغل السلطة المخولة له في قضاء مآربه الشخصية ومحاسبة كل من خولت له نفسه التأثير على المحاكمة التي لازالت أطوارها جارية، وفضح ومحاكمة من يريدون تقسيم الأمة المغربية وزعزعة استقرار أمن البلاد.