شكل انطلاق منافسات كأس العالم قطر 2022، لأول مرة ببلد عربي، فرصة سانحة لإبراز العلاقة التي تربط المغاربة بالقضية الفلسطينية، وإحباط المناورات الجزائرية التي طالما سعت إلى عزل المغرب عن محيطه العربي بذريعة التطبيع.
الجماهير العربية عامة، وفي الجزائر نفسها، احتفت بالتألق المغربي في المونديال، ولم تنطل عليها محاولات الإساءة الجزائرية التي حركتها البروباغندا الممولة، لتنتصر في الأخير مشاعر الأخوة، وليتضح للعالم أن المغاربة يقدرون القضية الفلسطينية، ولا أحد بمقدوره المزايدة عليهم في ذلك.
العلم الفلسطيني حضر في احتفالات اللاعبين المغاربة بعد نهاية المقابلات أكثر من مرة، كما رفعت الجماهير المغربية الأعلام الفلسطينية بالمدرجات، لتحافظ بذلك على حضور القضية الفلسطينية كقضية مشتركة بين كل العرب.
المونديال يفضح الجزائر..
أكد أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، في تصريح له، أن المونديال أظهر كيف أفشل الشعب المغربي المحاولات الجزائرية لعزل المغرب، ذلك أن “اللاعبون المغاربة رفعوا في أرض الميدان العلم الفلسطيني إلى جانب العلم المغربي، وكذلك الأمر بالمدرجات، وأكثر من ذلك أن الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية لم يكتفوا فقط بتشجيع المنتخب المغربي بل تجاوزوا حتى المغاربة في نظم الشعر وإبداع الأغاني للشعب المغربي والمنتخب الوطني، وهذا أكبر دليل على أن الفلسطينيون يحبون المغاربة ويقدرن ما يقوم به المغرب شعبا وحكومة لدعم الصمود الفلسطيني، وأن هذه الأخيرة تقوم باستغلالها بطريقة وسخة”.
وتابع الخبير “حينما نقارن مشاعر الشعوب خلال المونديال فالشعب المغربي واضح مثل الشعب الفلسطيني يطالب بكل فلسطين من النهر إلى النهر ويرفع العلم الفلسطيني ويدعم الانتفاضة وشعارات تحرير كل فلسطين، ولكن الدولة المغربية لا يمكن أن ترفع هذه الشعارات لأنها تصطف مع موقف السلطة الفلسطينية منذ ياسر عرفات زعيم الثورة ومفجرها ورئيس حركة التحرير الفلسطينية فتح ومؤسس منظمة التحرير الفلسطينية، الذي وقع على اتفاقية أوسلو وكل الاتفاقيات التي تعترف بوجود إسرائيل”.
وأشار نور الدين إلى أن “المغرب كدولة تحترم القانون والسلكة الفلسطينية وتحترم نفسها لا يمكن أن تطالب بفلسطين ما قبل 48 بينما السلطة الفلسطينية نفسها تطالب بحل الدولتين على أساس حدود 67، وبالتالي الجزائر حينما تهاجم المغرب فهي تهاجم بطريقة غير مباشرة السلطة الفلسطينية وتزايد عليها”.
العداء الجزائري أقدم من التطبيع
عقيدة العداء الجزائرية، وفق الخبير الدولي نفسه، “تمتد لنصف قرن من الزمن، وليس للأمر علاقة بالتطبيع، فإذا كان هذا الأخير انطلق في 10 ديسمبر 2020 فما أسباب العداء الجزائري قبل هذا الموعد، وما هي أسباب دعم الانفصال وضرف الجزائر لأزيد من 300 مليار دولار من أجل الدعم المباشر بالسلاح والدبلوماسية لجبهة البوليساريو، ومشتريات الجزائر في إطار التسابق نحو التسلح بميزانيات فلكية أضاعت على البلدين فرص التطور والتقدم”.
العداء الجزائري، وفق الخبير في العلاقات الدولية، لا علاقة له بالتطبيع “بل انطلق منذ مهاجمتها وهي حديثة النشأة لمركز حدودي وقتلت 10 من حرس الحدود المغربي وهو ما أدى إلى اندلاع حرب الرمال، وبالتالي لا يجب أن ننجر إلى البروباغندا الجزائرية التي تحاول ضرب المغرب بأب جدر تجده في الطريق”، مشيرا إلى أنه بعد أن جاء التطبيع حاولت الجزائر أن تستغله بشكل دنيء ضد المغرب.
الدعم المغربي لفلسطين
من جانب آخر، يؤكد أحمد نور الدين “إذا قارن بين ما يقوم به المغرب وما تقوم به الجزائر لدعم القضية الفلسطينية سيتضح الفرق، فالجزائر الفلسطينيين بالشعارات الفارغة، وهي شعارات تتنافي حتى مع اختيارات السلطة الفلسطينية، بين المغرب لا يدعم بالشعارات، بل هو يمول ماديا وكالة بيت مال القدس بما يناهز 80 في المئة، وهذا صندوق ينتمي إلى منظمة التعاون الإسلامي والمفروض أن تموله كل دول العالم الإسلامي، والتي تقدر بـ50 دولة”.
وأضاف الخبير نفسه أن وكالة بيت مال القدس هي إحدى أكثر الجهات تمويلا لصمود الشعب الفلسطيني داخل القدس، وهذه الأخيرة هي المعركة الكبرى في قضية فلسطين، لأن عليها يدور كل هذا الصراع الحضاري في المنطقة، وسياسات التهويد داخل القدس لا حدود لها.
وأبرز الخبير نفسه أن من تقف في وجه التهويد وتدعم صمود الفلسطينيين المقدسيين حتى يستمروا ببيوتهم داخل القدس القديمة هي وكالة بيت مال القدس التي يمولها المغرب، في مجالات الصحة والتعليم وترميم البيوت وإعطاء المنح للطلبة وغيرها من المجالات، في حين أن الجزائر لم تقم بأي شيء.
“شيك” الجزائر إهانة للفلسطينيين
وأورد المتحدث أنه حتى عندما حاولت الجزائر أن تظهر للعالم أن تدعم الشعب الفلسطيني وتبرر هجومها على المغرب، استدعت الرئيس محمود عباس وأعطته شيكا بـ 100 مليون دولار، لكن الطريقة التي قامت بها يهذه الخطوة توضح أنها أهانت الشعب الفلسطيني من خلال إهانة الرئيس أبو عباس.
وأشار الخبير “المغرب حينما يدعم الفلسطينيين لا يستدعي الرئيس ليعطيه شيكا، بل يقوم بأعمال على الأرض مباشرة، الأمثلة كثيرة منها أن المغرب هو من بنى مطار غزة وعدة كليات تابعة لغزة من بينها كلية الزراعة والبيطرة والمستشفى الميداني الذي لا يزال يقدم خدمات، وبالتالي فالجزائر تبيع الوهم والشعارات سواء للشعب الفلسطيني أو للدول العربية، لأنها تعرف أن لا حد سيكلف نغسه عناء البحث والمقارنة بين ما يقوم به المغرب حقيقة وكما تقوم به الجزائر”.
و”إذا استحضرنا شيك ال100 مليون دولار التي سلمتها الجزائر لرئيس السلطة الفلسطينية، يجب أن نستحضر أنها جاءت في إطار الهجوم على المغرب، ويمكن البحث عن كم دولار أعطتها الجزائر خلال الثلاثين سنة الماضية، سنجد أن الحصيلة كانت صفر دولار، وبالتالي فهذا المبلغ يدخل في إطار الحرب على المغرب”، وفق نور الدين أحمد.
دليل آخر يؤكد هذه الحقيقة، وفق الخبير نفسه، فالسياق نفسه شهد تسليم تونس 300 مليون دولار، وهذه العمليات جاءت في إطار محاولات الهجوم على المغرب نت خلال استعمال القضية الفلسطينية، وإذا بحثنا سنجد أن الجزائر قبل 2022 لم تصرف ولا دولار واحد بينما المغرب يصرف ملايين الدولارات في صمت ويعمل من خلال وكالة بيت مال القدس في شتى المناطق.
مزايدات الجزائر
وعلى المستوى السياسي قام الملك محمد السادس بوصفه رئيس لجنة القدس قام بمراسلة الأمين العام للأمم المتحدة، إضافة إلى المراسلات المغربية لقادة دول العالم حينما تعتدي إسرائيل على الأراضي الفلسطينية أو المطالبة بتنفيذ الاتفاقات التي تقضي بإنشاء الدولة الفلسطينية على أراضي 67، في حين أننا لم ترى الرئيس الجزائري يراسل أي هيئة من الهيئات الأممية لدعم الشعب الفلسطيني والاعتراض والاحتجاج على ما تقوم به إسرائيل، في حين سنجد الآلاف من المراسلات بإرادة فصل المغرب على أقاليم الجنوبية.
ويسترسل أحمد نور الدين “المغرب لا يزايد على السلطة الفلسطينية في حين أن الجزائر تقوم بذلك. مضيفا أن “الجزائر التي تزعم على أنها ضد التطبيع وضد حل الدولتين اعترفت في البيان الختامي للقمة العربية أن الحل التي تطالب به الدول العربية هو حل الدولتين، وهو اعتراف بالدولة الإسرائيلية والدولة الفلسطينية على أراضي 67، إضافة إلى أن الجزائر التي تقول إنها تدعم حل التحرير لم تقدم أي دليل على تقديمها بندقية واحدة لفصائل المقاومة الفلسطينية، كما أن الشيك قدمته الجزائر أعطته للسلطة التي تعترف بإسرائيل ولم تسلمه للفصائل المقاومة.
والخلاصة، وفق الخبير، هي أن الجزائر تستغل القضية الفلسطينية لمحاولة ضرب المغرب، وهذه أكبر إهانة للقضية الفلسطينية، والتي تعتبر قضية مقدسة من زاوية نظر دينية باعتبارها مرتبطة بالقدس ومسرى الرسول (ص)، وبالتالي الجزائر تستغل حتى المقدسات بشكل دنيء وحقير لضرب المغرب وعدم وحدته.