أشاد سيكو إتش دوكولي، المدير العام للهيئة الوطنية للموانئ في ليبيريا، بالتجربة المغربية الرائدة في مجال البنية التحتية المينائية، وخصوصاً بميناء طنجة المتوسط، معتبراً إياها نموذجاً يحتذى به في إفريقيا. وأكد المسؤول الليبيري، في تصريح إعلامي على هامش مشاركته في منتدى AfricaMed Business Forum، أن بلاده تتطلع إلى الاستفادة من الخبرة المغربية لتصبح منصة لوجستية محورية في غرب القارة.
وأوضح دوكولي، في حوار مع صحيفة “Observateur du Maroc et d’Afrique”، أن التعاون المينائي بين المغرب وليبيريا يتسم بالثقة والرؤية المشتركة والاحترام المتبادل، وهو ما مكّن من إطلاق دينامية واعدة في إطار التعاون جنوب–جنوب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس الليبيري جوزيف بوكاي.
وكشف المسؤول الليبيري أن وفداً من بلاده قام، بعيد تعيينه، بزيارة عمل إلى المغرب شملت ميناء طنجة المتوسط، حيث تم عقد لقاءات موسعة مع المسؤولين المغاربة، توجت بتوقيع عقد لإعداد مخطط مديري لتأهيل ميناءي مونروفيا وبوكانان، في خطوة استراتيجية تهدف إلى إرساء أسس تموقع بحري إقليمي جديد لليبيريا.
وأكد دوكولي أن هذا المشروع يندرج ضمن رؤية ليبيريا الطموحة لتعزيز سيادتها اللوجستية، وتحسين استثمار مواردها الطبيعية، من خلال تطوير البنية التحتية المينائية واستغلال موقعها الجغرافي الاستراتيجي، لإعادة صياغة مسارها الاقتصادي على أسس متينة ومستدامة.
وفي معرض حديثه عن سرّ تميز الشراكة مع المغرب، قال دوكولي: “الثقة المتبادلة هي حجر الأساس. الشركاء المغاربة يحترمون التزاماتهم بشكل صارم، كما أنهم يمتلكون رؤية واضحة ومشروعاً تنموياً ملهمًا، رغم محدودية الموارد الطبيعية. وهذا ما نطمح إلى تكييفه مع واقعنا الوطني”.
وأبدى المسؤول الليبيري رغبة بلاده في توسيع مجالات التعاون مع المغرب لتشمل قطاعات استراتيجية مثل الصناعة، والمناطق الاقتصادية الخاصة، والطاقات المتجددة، مشيراً إلى أن القرب الجغرافي بين البلدين (أربع ساعات فقط بالطائرة) يمثل عاملاً مساعداً لتعزيز هذه الشراكة الواعدة.
وفي ما يخص مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، أفاد دوكولي بوجود مشاورات بشأن سبل التعاون المستقبلية، لاسيما في ما يتعلق بتطوير ميناء بوكانان، موضحاً أن الهدف لا يكمن في خلق منافسة بين الموانئ الإفريقية، بل في تحقيق تكامل إقليمي يعزز التجارة البينية ويدعم التنمية المستدامة.
وعن مبادرة “الرباط الأطلسي”، التي أطلقها الملك محمد السادس، أكد دوكولي أنها تعبّر عن رؤية استراتيجية متكاملة تعكس ريادة المغرب داخل القارة، وقال: “ما يميز المغرب هو أن مبادراته ليست فقط شعارات، بل تتحول إلى مشاريع ملموسة. وهذا ما يجعل منه فاعلاً محورياً في بناء إفريقيا متماسكة ومستقلة”.
كما سلط دوكولي الضوء على أهمية منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية (ZLECAf)، واصفاً إياها بفرصة حقيقية لتعزيز الحركية التجارية والمينائية في القارة، داعياً في الوقت ذاته إلى إزالة الحواجز الجمركية وتوحيد الرسوم وتسهيل حركة السلع والأشخاص، خصوصاً بين دول اتحاد نهر مانو (ليبيريا، سيراليون، غينيا) وإشراك كوت ديفوار في هذا المسار.
واختتم دوكولي تصريحه بدعوة ملحة إلى ضرورة تعبئة الموارد المالية، وتبني استراتيجيات إقليمية مندمجة، مع الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا وتكوين الكفاءات الإفريقية، لبناء مستقبل مينائي مشترك قادر على رفع تحديات العصر وتعزيز موقع القارة في خارطة التجارة العالمية.

