Site icon Chamalpress | شمال بريس

في عرض مؤثر بطنجة.. “حرب الستة أشهر” لجيلالي فرحاتي يغوص في أسئلة الهوية والتسامح

شهد جمهور المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، مساء الأربعاء، عرض الفيلم الروائي الطويل “حرب الستة أشهر” للمخرج والسيناريست المخضرم جيلالي فرحاتي، ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة في الدورة الخامسة والعشرين من المهرجان، التي تتواصل فعالياتها إلى غاية 25 أكتوبر الجاري، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

يقدم فرحاتي في هذا العمل رحلة إنسانية عميقة تتقاطع فيها قصة حب مؤثرة بين شابة مغربية يهودية تُدعى ريبيكا وشاب مغربي مسلم، لتتحول إلى صراع داخلي مؤلم حين تصطدم العلاقة بحواجز الدين والتقاليد والمجتمع. ومع رحيل عائلة ريبيكا المفاجئ، تترك خلفها طفلة صغيرة تحتاج إلى عملية زرع كلى، في مشهد يُكثف المأساة الإنسانية ويُعمّق سؤال المسؤولية والمشاعر والاختيار.

من خلال هذا المسار الدرامي المتدرج، يغوص الفيلم في أعماق النفس البشرية، ويسائل مفاهيم الهوية والانتماء والتسامح، مقدماً شخصيات تبحث عن ذاتها وسط تصادم القيم والموروثات. ويستحضر فرحاتي كعادته بعداً فلسفياً يجعل السينما مرآةً للوجدان الإنساني ومجالاً للتأمل في معنى الحب والاختلاف والذاكرة.

يمتد الفيلم على تسعين دقيقة من السرد الهادئ المشحون بالعاطفة، ويتميز بأسلوب بصري شاعري يجمع بين الرمزية والتكثيف الفني، مع إدارة دقيقة للتفاصيل من حيث الصورة والديكور والملابس، مما يعكس بصمة فرحاتي المميزة في بناء فضاءات سينمائية تعبر أكثر مما تقول.

شارك في بطولته ثلة من الأسماء المغربية اللامعة، من بينها يسرى بوحموش، سعد موفق، جليلة التلمسي، ريم فتحي، عبد الرحيم التميمي، نوال الصردو، يونس بنشكور، ورؤوف صباحي، الذين نجحوا في تجسيد حالات إنسانية مركبة بصدق فني لافت.

ويعزز “حرب الستة أشهر” مكانة جيلالي فرحاتي كأحد أبرز المخرجين المغاربة الذين حافظوا على خط فني متفرد يجمع بين الشعرية البصرية والعمق الدرامي، ويجعل من السينما وسيلةً للحوار الثقافي وتوسيع أفق الوعي الإنساني.

ويتنافس الفيلم ضمن المسابقة الرسمية إلى جانب مجموعة من الإنتاجات الروائية الطويلة، من أبرزها: “أفريكا بلانكا” لعز العرب العلوي، “أطومان” لأنور المعتصم، “أوتيستو” لجيروم كوهن أوليفيير، “شذرات” لجنان فاتن المحمدي وعبد الإله زيراط، “في حب تودا” لنبيل عيوش، “عزيزي الصغير” لكريمة كنوني، “المرجا الزرقا” لداوود أولاد السيد، و“الوصايا” لسناء عكرود، إلى جانب أعمال أخرى لمخرجين مغاربة بارزين.

ويشكل المهرجان الوطني للفيلم بطنجة محطة سنوية للاحتفاء بالإبداع السينمائي المغربي، ومنصة لتلاقي المبدعين والنقاد وصناع السينما، بما يعزز إشعاع الفيلم المغربي ويكرس حضوره في المشهدين الوطني والدولي.

Exit mobile version