بعد أيام من الجدل الذي أشعلته مقاطع مصورة تظهر شجاراً صاخباً بحي الأمل في طنجة، مصادر كشفت لجريدة شمال بريس خيوط واقعة أعادت إلى الواجهة سؤال التعايش داخل الأحياء الحضرية، وحدود الحرية التي يتمتع بها صناع المحتوى الرقمي في فضاء الجوار السكني.
الواقعة التي هزت الحي الشعبي تعود إلى مساء الأحد 9 نونبر 2025، حين انفجر خلاف بين امرأة تعرف في الأوساط المحلية بلقب “أم آدم” وابنها، وبين عدد من الجيران، إثر شكاوى متكررة حول “الضوضاء” و”السلوك المستفز” أثناء تصوير مقاطع موجهة لمنصات التواصل، قبل أن يتطور التوتر إلى مشادة كلامية وتدافع جسدي أمام العمارة، وسط حضور سكان الحي وعدسات الهواتف.
وحسب مصادر معلومة، فإن “الأمر يتعلق بنزاع بين سكان الإقامة نفسها، تطور إلى عنف لفظي وجسدي”، مؤكداً أن تدخل دورية للشرطة جاء بشكل فوري لتطويق الخلاف وفتح تحقيق بإشراف النيابة العامة، لتحديد المتسببين في الحادث ومسؤوليات كل طرف.
مصادر من الحي أوضحت أن الشاب المذكور يعرف بنشاطه على تطبيق “تيك توك”، حيث دأب على بث مقاطع من داخل الشقة تظهر تفاصيل حياته اليومية بطريقة وصفت من طرف الجيران بـ”الاستفزازية” و”غير اللائقة”، معتبرين أن سلوكاته تجاوزت حرمة الجوار وحولت السكن إلى فضاء عمومي مفتوح على العالم الافتراضي.
وفي مقابل ذلك، يرى متابعون أن الواقعة تسلط الضوء على فراغ قانوني وتأخر تشريعي في مواكبة الممارسات الرقمية الجديدة، إذ يجد العديد من صناع المحتوى أنفسهم في مواجهة مباشرة مع منظومة القيم الاجتماعية دون وجود ضوابط تحدد الخط الفاصل بين حرية التعبير واحترام الحياة الخاصة للآخرين.
ولم تسفر المواجهة عن إصابات جسدية خطيرة، لكنها فجرت نقاشاً مجتمعياً واسعاً حول ما وصفه البعض بـ”صدام العالمين الواقعي والافتراضي”، في وقت يتابع فيه القضاء مجريات التحقيق لتحديد المسؤوليات في واقعة تُعد مرآة لتحولات الحياة الحضرية في المغرب، حيث تختلط جدران السكن بأضواء البث المباشر وصخب الشهرة الرقمية.

