-
°C
weather
+ تابعنا

الملك محمد السادس وترسيخ النموذج الديني المغربي: اعتدال يستمد جذوره من التاريخ وشرعية إمارة المؤمنين

كتب في 29 يوليو 2025 - 10:11 ص

منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة سنة 1999، اختارت الدولة المغربية السير بخطى واثقة نحو تكريس نموذج ديني متفرد، قائم على الاعتدال والتوازن، ومستند إلى مرجعية راسخة في التاريخ، وخصوصية حضارية نابعة من هوية وطنية متعددة الروافد.

هذا النموذج المغربي، الذي يشكل اليوم محط تقدير إقليمي ودولي، يستمد خصوصيته من مؤسسة إمارة المؤمنين، باعتبارها الضامن لوحدة المذهب والعقيدة، والحامية لحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، في إطار شرعية دينية ودستورية تربط الملك بشعبه في نظام بيعة متجذر في التاريخ.

وفي ظل التحديات الفكرية والتقلبات التي عرفها العالم الإسلامي خلال العقود الأخيرة، حافظ المغرب، بفضل هذا النموذج، على أمنه الروحي واستقراره المذهبي، من خلال خطاب ديني معتدل ينبني على المرجعيات الثلاث: المذهب المالكي في الفقه، والعقيدة الأشعرية في الإيمان، والتصوف السني في السلوك، وهي مرجعيات تتيح الجمع بين الالتزام بالأصول والانفتاح على الاجتهاد المقاصدي المستنير.

ولا تنحصر خصوصية النموذج المغربي في هندسته الفكرية والمؤسساتية فحسب، بل تتجلى أيضا في مدى احترامه للحريات الدينية، حيث تضمن الدولة لجميع المقيمين على ترابها، مسلمين وغير مسلمين، حرية ممارسة شعائرهم، في نطاق من الانسجام مع القيم العليا للأمة، ومراعاة لقدسية إمارة المؤمنين بوصفها الضامن للوحدة العقدية.

لقد شكّل الملك محمد السادس، منذ توليه الحكم، امتداداً لسلسلة من الملوك الذين صاغوا معالم الهوية المغربية عبر التاريخ، بدءاً بالمولى إدريس الأول، وصولاً إلى الملك الراحل الحسن الثاني، فكان بذلك وريثاً لمؤسسة ليست فقط سياسية، بل حضارية وروحية، تعكس تفرّد التجربة المغربية في صون الدين والدولة معاً.

ولئن كان الإسلام ديناً واحداً جاء به النبي محمد ﷺ، فإن سبل التدين والاجتهاد تعددت، والمغرب اختار، بوعي استراتيجي، طريق الاعتدال والوسطية، وهو ما يتجلّى في خطاب ديني رسمي يُدرّس في المدارس، ويُبلّغ في المساجد، ويُؤطر من خلال المجلس العلمي الأعلى، وكلها مؤسسات تشتغل تحت إشراف أمير المؤمنين، بما يضمن وحدة المرجعية الدينية ويُحبط كل نزوعات التطرف والانغلاق.

وما يُعرف اليوم بـ”الاستثناء المغربي” في تدبير الشأن الديني ليس شعاراً، بل حصيلة مشروع ملكي استراتيجي، نجح في التوفيق بين الأصالة والتحديث، بين حرية الاعتقاد وصيانة الهوية، وبين ترسيخ الأمن الروحي وفتح آفاق الاجتهاد الرشيد.

وهي تجربة تستحق التثمين والاقتداء، في وقت يشتد فيه الخلط بين الدين والتسييس، وتتنامى فيه الحاجة إلى نماذج رشيدة تجمع بين الاستقرار والإصلاح، بين الثوابت والتطور، وهو ما جسدته المملكة المغربية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، نصـره الله.

شارك المقال إرسال
تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .