يخضع العالم لنظرية المؤامرة طبقا لقواعد وخطط دقيقة تحكمها خلفيات وتنفذ بسرية. وتتمثل نظرية المؤامرة في منهجية حكم العالم وخضاع البشرية لنظام تحكم اقتصادي تقوده وتسيطر عليه جماعة صغيرة سرية شريرة ومدعمة بمنظمات متمكنة من كل وسائل الاشتغال على المخططات.
وقد تبدو نظرية المؤامرة في احدى قواعدها الخوارزمية كما يلي:
اذا كانت الأهداف محلية وشبه دولية، تنطلق المؤامرة من لا مشكلة، بل فقط تخيلها وتوهيمها للعالم، وتمر الخطة بجميع المراحل الى ان تصل الى الحل وتحقيق النتيجة، كالادعاء بوجود أسلحة الدمار الشامل في العراق وانتظار ردود الأفعال الدولية وتوجيهها…، والحل هو إزالة نظام البعث العراقي الذي كان عائقا للسيطرة على بترول العراق، والنتيجة هي فتح الباب لوصول الشركات العملاقة الى الثروة البترولية و… إلخ.
واذا كانت الأهداف كبرى وكونية، فيتم اعتماد نظرية أخرى وهي خلق مشكلة حقيقية بخلفية وتوقعات مسبقة دون استثناء الدول الغربية منها، وانتظار ردود الأفعال على الصعيد العالمي، التي تسخر لها وسائل الاعلام الرسمية، لأن لها دور فعال في تحديدها بعد اخبار الناس بالرواية التي يصدقها البؤساء، وتخلق لديهم وبينهم الخوف الذي يعتبر عاملا مهما للسيطرة أو لتأجيج الغضب، ثم تأتي مرحلة اتخاذ القرار المناسب أو تغيير أمر معين. وبهذه الطريقة يحصل الذين خلقوا المشكلة على فرصة تغيير شمولي يتطلب القيام باجراءات جديدة ومنها اعادة السيطرة من جديد دون الدخول في الحرب بالاسلحة ودون اثارة انتباه الدول من طرف الجهة التي خلقت المشكلة.
كما ان هذه الطريقة تضفي صفة على الحياة وكأنها عشوائية وان المشكلة هي مجرد صدفة وغير مخطط لها من قبل الجماعة الشريرة المتحكمة سرا في القضايا العالمية الكبرى. وظهور فيروس كورونا في الصين ليس عشوائيا ولا هو صدفة ولا هو مرتبط بما تداولته بعض وسائل الاعلام المرتبطة بالخطة، وانما الرغبة في الانهيار الاقتصادي الصيني تحت طائلة هيستيريا كورونا والوصول الى غلق الاقتصاد العالمي.
كما ان ظاهرة اذاع الارقام وتصديقها هو نوع من التهويل والتأثير على الشعوب من النتائج التي كانت متوقعة، حتى وان كان خطر تأثير الفيروس يستهدف الضعاف المناعة لاسيما كبار السن الذين لديهم مشاكل صحية، والذين يهيمن عليهم الخوف وفوبيا المرض، ومن كل هذا هو الوصول الى تدمير الاقتصاد العالمي، عن طريق وباء يتوفر على شروط تنفيذ خطة الانهيار الاقتصادي الهائل والتي بدأت منذ الأزمة المالية العالمية سنة 2008.
ان هذا الوباء الفتاك يبرر الأفعال القادمة ونتائجها ومنها تفكيك النظام الاقتصادي العالمي، وهو ما يبين ان الأفعال والوسائل المتبعة ليست اخلاقية ومنهي عنها في الكونفوشيوسية وفي جميع الديانات وآخرها الدين الإسلامي الذي وضع أهدافا نبيلة للبشرية وقدم حلولا لكل قضايا البشرية ونهى عن الاذاية وتدبير المكائد حتى لغير المسلمين، وحرم المغامرة والمخاطرة والقمار الاقتصادي الفردي او العالمي والمجازفة بممتلكات البشر وتعريض تجارتهم للإفلاس والضياع، وتدمير الأعمال والأسر والشركات والعلاقات الاقتصادية الحرة للأوطان، والتسبب في المجاعة والخوف وضرب شرعية ومجهود الدول في مجال حماية الحقوق والحريات. لكن الشعوب والدول غير الفردانية وذات الاقتصاد الاجتماعي وثقافة التضامن هي وحدها التي تقاوم وتساير الأزمة وخصوصا التي تتوفر على الأمن الروحي الذي يخلص الأفراد من الخوف ويقوي المناعة النفسية لديهم، الشيء الذي جعل بعض الدول الغربية ترفع الآذان الإسلامي عاليا لانه يجلب الطمأنينة ويدعو الناس الى التذرع بالله ومراجعة علاقتهم بخالقهم وهو الأقرب منهم من كل دنياهم.
ان المغامرة بالصحة البشرية وحياة الإنسان والتخلي عن الضعفاء منهي عنها في الإسلام، فكبار السن الذين يوصي فيهم الاسلام بالعناية، وصدر حكم قضائي الاهي لصالح الوالدين و أوجب في حقهم علينا المعاملة الحسنة بتفصيل دقيق بقوله عز وجل ” وقضى ربك الا تعبدو الا إياه وبالوالدين احسانا…” كما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالوالدين و اعتبر من ادركهما فهو محظوظ. وهذا ما يبين ان المخطط لقتل الكبار بهذا الوباء او غيره هو خالي من الرحمة رغم انهم عرضوا حياتهم للخطر من أجلنا وتعبوا وتحملوا ضغوطات الحياة المختلفة، فدفعوا الضرائب وعاشوا في بيئة ساهمت في تدهور صحتهم.
ان خطة وقرارات جماعة الأشرار والطغاة التي تتوخى فرض اقتصاد عالمي يستجيب لتطلعاتهم ويتحكمون فيه ويضعونه تحت سيطرتهم عن طريق فرض مجتمع دولي رقمي للدخول من خلاله الى مرحلة الفحص الاقتصادي التكنولوجي، وأيضا التحول نحو الصحة الرقمية والتفكير الموجه رقمياً. والتحكم في كل هذا عن طريق منظمات، ومن أهمها منظمة الصحة العالمية كمركز دولي تحكمي، والذي لم يقدم الخدمات اللازمة للناس ولم يواجه الوباء بالوسائل الضرورية وكأن فيروس كورونا اكثر تطورا من علم منظمة الصحة العالمية.
ان تفوق الصين على فيروس كورونا هو نوع من افشال لمخطط هذه الجماعة اعلى هرم البشرية التي جعلت من اقتصاد الصين نقطة الاستهداف الاولى للتأثير على اكبر قوة اقتصادية عالمية، وخلق الشكوك حولها كمصدر الفيروس وربط الوباء باقتصادها الغذائي. لكن بعد مواجهتها للفيروس بطريقة جدية وقاسية، انتقلت الصين الى مرحلة مساعدة الدول في محنة مواجهة تفشي الفيروس كورونا بالوسائل والمعدات الطبية التي لم تقدمها لها الدول التي خرجت منها المآمرة، وهو ما ينذر بحرب قادمة في اطار تنفيذ الخطة بهدف الوصول الى مرحلة الجلوس على طاولة المفاوضات وقبول الصين بتحكم اللوبي الدولي الشرير في الاقتصاد الصيني كجزء مهم وصعب ضمه لقاعدة التحكم الاقتصادي العالمي.
ان هذا اللوبي من خلال المنتدى الخاص به يتحكم في عملية تتبع ومراقبة الناس الكترونيا لمعرفة مدى تجاوبهم مع التحول نحو المجتمع الرقمي وتتبع الروايات وتصديقها، والسيطرة على الانترنيت وجميع وسائل التواصل وتوجيه نظرية المؤامرة ضد كل من يحمل وجهة نظر مختلفة، او يوضح للناس الحقيقة او يحمل اليهم بدائل كالاقتصاد الصيني او الاقتصاد الاسلامي الاصلح والأكثر أخلاقا وتوازنا والانفع للبشرية على الاطلاق. كما انه يكسب الدعاية والترويج لمنظمة الصحة العالمية ويمكنه ان يحذف مقاطع الفيديو وكل ما يخالف التوجه وارشادات المنتدى للحفاظ على نجاحه.
ويعتبر الاعلان عن انهيار الاقتصاد العالمي بمثابة انتحار عالمي، ستحاول الجماعة الشريرة تغييره بنظام اقتصادي بدعوى انه سيتجاوب مع المناخ والبيئة ولكونه سيعتمد على الطاقة البديلة و سيتم التحكم فيه بالذكاء الاصطناعي. كما ان السيطرة على العالم كلفت البشرية الدخول في مشكلات لا يد لها فيها، وهي فوق طاقة الدول الكبرى نفسها. مما وضع مسار البشرية على المحك مع نسبية التوقعات في تحقيق النتائج بما فيها امكانية السيطرة على العالم من طرف لوبي يعتقد انه قادر على قيادة العالم، خصوصا وان العالم يعرف كثير من أوجه الصراع الايديولوجي والمذهبي والثقافي والاقتصادي… ومناطق صراع كثيرة حول العالم، وهو ما ينبئ بالفشل في تحقيق اهداف نظرية المؤامرة، لان الوعي يزداد مع كل مؤامرة وكلما يتم دفع الشعوب الى قبولها شروط الانتماء لعالم تتحكم فيه جماعة لا تتوخى تحقيق اهدافا نبيلة للبشرية الا وتفشل.
ان بناء هيكل الذكاء الاصطناعي العالمي هو بناء قاعدة التحكم في بينات البشرية وتوجيهها على جميع المستويات وهو مفتاح التحكم في مستقبل النشاط البشري السياسي والاقتصادي والثقافي، و الدخول الى دوامته مرتبط بالتبعية للشيفرة الصناعية التكنولوجية الغربية، وهذا ما يتطلب وجود عدة شيفرات ستكون هي الهوية المستقبلية لاقتصاد الشعوب وحياتها على هذه الارض.
كما ان كل السيناريوهات المرتبطة بحكم العالم قابلة للافشال ما دام العالم كله لا يمكن التحكم فيه الا من فلسطين. بينما الاقتصاد العالمي الحقيقي مايزال خفي على الذين يبحثون عنه ولا يعرف الا من خلال الاسلام حيث قال محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف “ ياعبادي لو ان أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني ، فأعطيت كل انسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي، الا كما ينقص المخيط اذا أدخل البحر“.
الدكتور احمد الدرداري، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات
تعليقات الزوار ( 0 )