فندت المديرية العامة للأمن الوطني المغالطات والمزاعم التي روجتها المؤسسة الإعلامية “ميدل ايست اي” MiddleEastEye، عبر شريط فيديو، يستهدف المؤسسات الأمنية بالمغرب.
ووجهت المديرية العامة للأمن الوطني رسالة إلى مدير المؤسسة الإعلامية المذكورة، عبرت من خلالها عن أسفها ورفضها للمحتوى الرقمي المنشور بتاريخ 22 مارس الجاري تحت عنوان “المخزن المغربي في أزمة”، والذي تضمن معطيات مغلوطة ومشوبة بعدم الدقة تتعلق بمجال تدخل مصالح الأمن الوطني بالمغرب، وتمس بالاعتبار الشخصي لموظفات وموظفي المرفق العام الشرطي.
وأوضحت الرسالة، أنه تنويرا للرأي العام المغربي والدولي، وحرصا على تفادي نشر وإشاعة الأخبار الزائفة، تحرص المديرية العامة للأمن الوطني بالمملكة المغربية على تقديم توضيحات بخصوص بعض المعطيات غير الدقيقة، بل والخاطئة أحيانا، التي تتعلق حصريا بنطاق تدخل مصالح الأمن، والتي وردت في التقرير الإعلامي.
وبخصوص الوفاة الأليمة للمرحوم محسن فكري، لقد ورد في المحتوى الرقمي المنشور باللغة الانجليزية مصحوبا بترجمة خطية إلى اللغة الفرنسية بأن “بائع سمك تم فرمه داخل حاوية للنفايات بأمر من ضابط شرطة”، وأكدت المديرية أن الأمر يتعلق هنا بخبر زائف سبق أن شكل موضوع تصويب رسمي صادر عن المديرية العامة للأمن الوطني بالمملكة المغربية بتاريخ 29 أكتوبر 2016، أي في صبيحة اليوم الموالي للحادثة، وهو التصويب الذي تم تعميمه من طرف وكالة المغرب العربي للأنباء، وقد حرص هذا الشكل التواصلي الرسمي على نفي ودحض الهاشتاغات والوسوم الكاذبة التي ادعت وقتها ” أن عميدا للشرطة هو من أصدر الأمر بفرم المرحوم محسن فكري”، وذلك بغرض تأجيج الأوضاع الاجتماعية بالمنطقة.
وقد أكد تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي مؤسسة دستورية مغربية، أن سحب مقبض آلة الضغط للشاحنة، والذي لا يمكن الجزم بأنه كان مقصودا، كان من طرف أحد أصدقاء الهالك الذين كانوا معه”، وهي نفسها الخلاصة التي انتهى إليها التحقيق القضائي في جميع مراحل الدعوى وأطوار التقاضي، إذ أوضحت النيابة العامة بأن “الأفعال المرتكبة تكتسي طابع القتل غير العمد”، وقد تم تقديم جميع المتابعين في هذه القضية أمام القضاء المختص، ولم يثبت في أية مرحلة من مراحل البحث أو المحاكمة بأن ضابطا للشرطة هو من أصدر الأمر بفرم المرحوم محسن فكري، وذلك بخلاف الخبر غير الصحيح المنشور في المحتوى الرقمي المنشور .
أما بخصوص مزاعم “القمع” المنسوبة لموظفي الشرطة، لقد نشر المحتوى الإعلامي المصور، نقلا عن أحد المحاورين، مزاعم تتحدث عن ركون الحكومة، ممثلة في القوات العمومية، إلى استعمال “القمع العنيف لمواجهة المسيرات التي تم توصيفها بأنها سلمية، ونظرا لكون هذا النوع من الأخبار، تضيف المديرية تضمن وجهة نظر أحادية الجانب، ولم يستعرض التقارير الرسمية والحقوقية الصادرة عن المؤسسات الوطنية ذات الصلة حول هذا الموضوع، وأكدت المديرية أن مصالح الأمن تعاطت بكثير من ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الاستفزازات مع 814 شكلا احتجاجيا عرضيا تم تنظيمها على مدى اثنا عشر شهرا بعد الوفاة الأليمة للمرحوم محسن فكري، وقد تطلبت 40 بالمائة من هذه الحركات الاحتجاجية المختلفة تأطيرا خاصا من طرف قوات حفظ النظام، وحوالي 8 بالمائة فقط التي تطلبت تدخل القوات العمومية لتفريقها وتفادي أعمال الشغب الناتجة عنها، وذلك لمبررات الحفاظ على النظام العام والسلامة الجسدية للأشخاص وضمان حق المواطنين في التنقل.
وذكرت المديرية، أنه يمكن الاطلاع على هذه الإحصائيات الرسمية والموثقة في التقرير الختامي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول هذه الأحداث، وأشارت إلى أنه في جميع هذه الاحتجاجات، وبدون استثناء، لم يقم المحتجون بتقديم أي طلب للحصول على أي تصريح أو إشعار، رغم أن تنظيم هذه التظاهرات كان مخططا له ولم يكن عفويا بغالبيته، وذلك بخلاف التقعيد التشريعي الذي ينص عليه قانون الحريات العامة بالمغرب، بل إن العديد من هذه الاحتجاجات تطورت إلى أعمال شغب خطيرة وصلت إلى حد إضرام النار عمدا في بناية تأوي موظفي الشرطة، ومنع وصول سيارات الإسعاف والوقاية المدنية (المطافئ لإخماد النيران وتقديم الإسعافات الضرورية.
وحسب رسالة المديرية، فقد أصيب جراء أعمال الشغب التي تخللت بعض هذه الأشكال الاحتجاجية 611 عنصرا من عناصر القوة العمومية، تنوعت ما بين إصابات بليغة مرفوقة بعجز بدني واضطرابات نفسية (77 حالة) ومصابون يعانون من آثار نفسية (34 حالة) وحالات أخرى متفاوتة الخطورة (500 حالة).
وتفنيدا لمزاعم “القمع العنيف”، التي أوردها المحاور في المحتوى المصور، استشهدت مصالح الأمن الوطني بالمغرب بخلاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أكد في تقريره حول هذه الأحداث” أنه يسجل بارتياح عدم استخدام أية أسلحة أو وسائل نارية خلال 12 شهرا من الاحتجاجات، وفي المرات القليلة جدا التي تم استعمال خراطيم المياه أو الغازات المسيلة للدموع كانت بعد الإنذارات القانونية”، ودحضت المديرية العامة للأمن الوطني، أيضا، ما ورد في المحتوى المنشور من مزاعم حول “أن محاكمة الموقوفين في أحداث الحسيمة كانت بسبب اعترافات منزوعة تحت الإكراه”، وهي المزاعم التي تفندها اعتبارات قانونية وأخرى واقعية.
وأوضحت المديرية أن القانون المغربي يفرد للمشتبه فيهم الحق في الصمت (المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية)، ولا يعتد بأي اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو الإكراه (المادة 293 من نفس القانون)، وذلك كما هو منصوص عليه في المادة 15 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة أو اللاإنسانية، وأشارت إلى أن العديد من المعتقلين مارسوا حقهم في الصمت وعدم تجريم أنفسهم بعدم الجواب على عدد من الأسئلة أثناء البحث التمهيدي، بل إن أحد المتهمين تشبث بحقه في الصمت طوال فترة المحاكمة، وأكدت أن هذه المقتضيات القانونية والمعطيات المادية والواقعية تفند مزاعم نزوع ضباط الشرطة القضائية لانتزاع الاعترافات، نظرا لكون القانون المغربي لا يعتد باعترافات تمت تحت الإكراه، بل يرتب المسؤولية الجنائية لمرتكبي هذه الأفعال، وأن المحاضر في الجنايات هي مجرد معلومات للاستئناس فقط، بل إن عددا من الموقوفين تمسكوا بحقهم في الصمت ولم يتم تحصيل إفاداتهم نهائيا.
وفي سياق ذي صلة، أكدت المديرية، أن المزاعم الواردة في المحتوى الرقمي المرجعي، التي تتحدث عن الاعترافات وحدها كأدلة لمواجهة الموقوفين، فيها نوع من التجني على الحقيقة وتحريف للوقائع، على اعتبار أن ضباط الشرطة القضائية عرضوا ضمن الأدلة والإثباتات إفادات عدد من الشهود، وتصريحات الضحايا، ومكالمات تم التقاطها عن بعد بموجب أوامر قضائية، وتسجيلات ومقاطع مصورة لأعمال الشغب، وهي القرائن التي اطلعت عليها وقتئذ المحكمة، وتفند بالتبعية المزاعم التي جاءت في صلب التقرير الإعلامي المنشور .
تعليقات الزوار ( 0 )