تعد قصبة سنادة بقبيلة بني يطفت بإقليم الحسيمة معلمة تاريخية تختزل قرونا طويلة من التاريخ الغني، وهي بالإضافة الى كونها معلمة تاريخية تكتنز ذاكرة المنطقة فيمكن أن تشكل رافعة من رافعات التنمية القروية.
وعانفت الحياة هذه المعلمة الفريدة، التي يرجع زمن تشييدها الى عهد الدولة السعدية للحد من هجمات جيوش الإسبان، مجددا بعد أن خضعت للترميم سنة 2018 في إطار شراكة جمعت بين قطاع الثقافة ووزارة الداخلية، في إطار برنامج التنمية المجالية ”الحسيمة منارة المتوسط”، في شقه المتعلق بمشاريع ترميم وتأهيل المواقع الأثرية والمعالم التراثية.
وقد رصد لترميم القصبة غلاف مالي يقدر بـ4 ملايين ونصف درهم، ما مكن من نفخ روح الحياة في أسوارها وأبراجها السبعة من جديد على أسس وقواعد بنائها الآثري للحفاظ على خصوصياتها التاريخية، وتم التسليم النهائي للأشغال الخاصة بها في يوليوز 2020، وتعانق عشاقها من جديد بعد أن عبثت بها عوائد الزمن وقوة الطبيعة والسلوكات السلبية لبعض البشر، لتغوص القصبة من جديد بالزوار في الأزمنة الغابرة وتفرض وجودها للمساهمة في التنمية المحلية التي تحتاج الى كل الموارد ومفاتيح النجاح.
وعن الخصوصيات التاريخية للقصبة، أكد الطيب لزعر ،ابن منطقة سنادة الباحث في سلك الدكتوراة والمهتم بالتراث المحلي، أن هذه المعلمة تبلغ مساحتها 15000 متر مربع، ويعود بناؤها وتشييدها الى عهد السلطان أبو محمد عبد الله الغالب بالله السعدي ، وأمر ببناء هذه القصبة لتشكل درعا دفاعيا واقيا لسواحل الريف من الأطماع الإيبيرية ومحاولات الهجوم على المنطقة الساحلية.
وأضاف أن القصبة أعيد ترميمها في عهد السلطان مولاي إسماعيل بداية القرن 18 لتكون ثكنة عسكرية وحامية للقوافل التجارية، وصرح مراقبة وحراسة هذه المنطقة الساحلية التي تتقدم سلسلة جبال الريف، وفي الوقت ذاته شكلت نقطة توقف القوافل التجارية القادمة إلى المغرب من شرق حوض البحر الأبيض المتوسط ، إضافة الى أدوار أخرى للقصبة تمثلت في توفير فضاء آمن للحجاج لتميزها الجغرافي وقربها من ميناء بادس التاريخي الذي كان صلة الوصل بين عدوتي الأندلس والمغرب.
وتحتوي القصبة في رحابها الواسع على ثكنات الجند ومخازن السلاح، وسكنى متخصصة لمقدم الحامية، وغرف لإيواء الجيش والعسكر، واسطبل للخيول والماشية، ومطبخ للطبخ، وكذا مخزن للمؤن وبئر للماء، بالإضافة الى باب كبير رئيسي وسبعة أبراج تتحصن بها.
ولتميز معمار القصبة وتفرده، الذي يمزج بين المعمار المحلي والمعمار المغربي الذي شيدت على نمطه الكثير من القصبات واختزال المعلمة لمرحلة تاريخية دقيقة واجه فيها المغرب الكثير من الأطماع، فهي تشكل موقعا أثريا جديرا بالزيارة وإدماج المنطقة في النسيج الاقتصادي العام لإقليم الحسيمة، وتفرض نفسها لاستثمار مكوناتها وخصوصياتها في إنعاش التنمية المحلية.
تعليقات الزوار ( 0 )