احتضنت مدينة الحسيمة، يوم السبت 18 ماي 2024، حفل تخليد الذكرى التاسعة عشرة لتفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إذ شكل الحفل مناسبة للوقوف عند منجزات المبادرة في مرحلتها الثالثة، وبحث القضايا الحاسمة المتعلقة بالتنمية البشرية في المغرب.
وجرى الحفل، الذي يحمل شعار “1000 يوم الأولى، أساس مستقبل أطفالنا”، بحضور الوالي المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، محمد الدردوري، وعامل إقليم الحسيمة، حسن زيتوني، وممثلي منظمات وهيئات وطنية ودولية ومنتخبين، حيث تم تسليط الضوء على منجزات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال مرحلتها الثالثة، واستشراف آفاقها، ومناقشة القضايا ذات الصلة بالتنمية البشرية، لاسيما ما يتعلق بالطفولة المبكرة.
وقد افتتحت فعاليات هذه الذكرى بالانصات للنشيد الوطني، ثم بقراءة ايات بينات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحاضرين المقرىء بوجمعة الغالي، وقام بتنشيط هذه الفعاليات الإعلامية المغربية المتألقة إيمان أغوتان.
- تعزيز الجانب اللامادي
بهذه المناسبة قال الوالي المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، محمد دردوري، إن هذا الورش الملكي الرائد يجسد عمق وتبصر الرؤية الملكية السديدة التي تجعل المواطن في صلب التنمية، وقد عملت المبادرة على محاربة الفقر والهشاشة، بالإضافة إلى تشجيع المشاريع المُدرة للدخل، والنهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفئات المحتاجة من خلال تحسين الولوج إلى البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية للقرب، وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل، والمشاريع المُحدثة لفرص الشغل.
مضيفا أيضا أنه “تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، عملت المبادرة خلال مرحلتها الثالثة على التركيز على الجوانب اللامادية وتعزيزها، وقد توّجت الجهود بتحقيق عدة إنجازات ذات طابع اجتماعي مهمة وكبرى، من بينها إنجاز أكثر من 43 ألف مشروع ونشاط بكلفة بلغت 28 مليار درهم”.
وقال ذات المتحدث في كلمة له، إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال مرحلتها الثالثة، عملت بجدية وفعالية من خلال تثمين الرأسمال البشري “وقد تكللت مجهودات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في هذه المرحلة بتحقيق عدة مُنجزات مهمة، حيث تشييد أكثر من 1700 كلمتر من الطرق والمسالك، بالإضافة إلى تشييد 90 ألف منزل وربط المنازل بشبكة الماء الصالح للشرب”.
وأوضح أنه تمت استفادة الآلاف من الشباب والشابات من خدمات الإرشاد والتوجيه وإحداث ما يفوق 12 ألف مقاولة، ودعم أكثر من 4000 مشروعا، كما تم إحداث أكثر من 7400 حجرة دراسية إضافية بطاقة استيعابية بلغت 190 ألف طفل، حيث تم كذلك دعم الاستفادة من التعليم الأولى في الوسط القروي.
- ورش ملكي مُهيكل
ومن جهته أكد عامل إقليم الحسيمة، حسن زيتوني، أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية “ورش ملكي مهيكل”، مشيرا إلى أنه على مستوى إقليم الحسيمة شكل الورش نموذجا ناجحا لتنزيل فلسفة المبادرة الوطنية البشرية، الشيء الذي كان له الوقع الإيجابي في تحسين مؤشرات التنمية، إذ تم توفير العناية بالأفراد ومواكبة صحة الأم والطفل خلال مرحلة حاسمة، وذلك من خلال توفير تغذية متوازنة.
وأضاف أنه تم تحسيس الساكنة من أجل تحسين السلوكيات والممارسات لضمان تغذية سليمة للأم والطفل، مع الاعتماد على الابتكار والتقدم التكنولوجي والتعليم، بالإضافة إلى تمكين النساء والفتيات في الوسط القروي.
وقال ذات المتحدث، إنه “بناء على هندسة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فإن مرحلة التعليم الأولي تُعد أساسية في المسار التربوي لساكنة الإقليم -الحسيمة- خاصة في العالم القروي، من خلال عرض تربوي وتعليم يوازي نظيره في أرقى الأحياء fالمدن وبجودة عالية”، مذكرا بالتوجيهات الملكية من أجل الاستثمار في الرأس مال البشري.
- اهتمام متزايد بصحة الأم والاطفال
ومن جانبه أكد الكاتب العام لوزارة الصحة، عبد الكريم مزيان بلفقيه، على “الدور المحوري للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، التي تتماشى مع التوجيهات الملكية للملك محمد السادس، حيث “تضع الإنسان في صُلب المسيرة التنموية”.
وأضاف ذات المتحدث في كلمة له بالمناسبة أن المرحلة الثالثة من المبادرة، أولت اهتماما متزايدا بصحة الأم والطفل، حيث تم إعطاء الانطلاقة لعدة مشاريع تروم تحسين الخدمات الصحية.
وفي ذات السياق، أشار بلفقيه أنه تم توقيع اتفاقية شراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية ومنظمة اليونيسف، لتوحيد الجهود لمكافحة عدم المساواة في الحصول على الرعاية الصحية في المناطق القروية.
وقال “لقد أظهرت البيانات النوعية والكمية التي تم جمعها خلال المرحلة القيمة المضافة لهذه المنظومة في تحسين ولوج سكان القرى إلى مراكز الرعاية الصحية، كما لاقت هذه التجربة باستحسان الهيئات الفاعلة الميدانية والسكان المحليين”.
من جهته، تطرق المندوب الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالحسيمة؛ محمد اليزناسني، في عرضه، إلى أربعة أجزاء أساسية المتعلقة بالسياق العام للموضوع والمؤشرات الرئيسية حول تأخر النمو والزيادة في الوزن، وشرح ماهية الألف يوم الأولى وأهميتها، بالإضافة لعرض الإجراءات التحسيسية المرتكزة على العلوم السلوكية التي تقوم بها وزارة الصحة والحماية الإجتماعية بالتعاون مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وفي ذات السياق، أشار اليزناسني على سبيل المثال أن تأثير التغذية على العيش التعليم والصحة يؤدي للتأثير على مستوى تنمية الرأسمال البشري، حيث يتسبب سوء التغذية فيما يقارب نصف وفيات الأطفال دون سن الخامسة في جميع أنحاء العالم.
مؤكدا في نفس السياق أن الرضاعة الطبيعية تعد عامل أساسي مهم خلال الـ 1000 يوم الأولى من حياة الطفل، مميزا بين ثلاثة سلوكيات أساسية وهي: “الرضاعة الطبيعية المبكرة، الرضاعة الطبيعية الحصرية، الإستمرار في الرضاعة الطبيعية حتى سن الثانية من عمر الطفل.”
- شهادات لريادة المملكة المغربية في تحقيق المكتسبات
من جانبها، أبرزت ممثلة صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، سبيسيوز هاكيزيمانا، أهمية صحة وتغذية الأطفال خلال الألف يوم الأولى من حياتهم، لاسيما على تعلمهم وعلى مسارهم الدراسي، باعتبارها البوابة الأولى للمساهمة في تنمية الرأسمال البشري والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مضيفة أن اليونيسيف منخرطة إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لضمان مستقبل أفضل للأطفال عبر توفير “السبل المثلى للانطلاقة في الحياة”.
أما المسؤول عن مشروع التنمية البشرية بالبنك الدولي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خورخي كواراسا، فيرى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يعتبر أول مشروع للتنمية البشرية يدعمه البنك الدولي وهو ما يشكل “مبعث اعتزاز”، مشيرا إلى أن المملكة المغربية، من خلال إبراز أهمية الرأسمال البشري، صارت تضطلع بدور الرائد والنموذج الذي ينير الطريق بالنسبة لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
بدورها، نوهت ممثلة منظمة الصحة العالمية، مريم بيغدلي، بأهمية الألف يوم الأولى في تنمية الطفل، وبالتالي تنمية المجتمع، لاسيما وأن المملكة المغربية حققت إنجازات كبيرة، والتي ساهمت في تحقيق مكتسبات “رائعة خلال السنوات الأخيرة” على مستوى صحة الأم والطفل، داعية إلى مواصلة هذه الالتزامات والجهود للحفاظ على المكتسبات.
وبعد الكلمات التي تفضل بها المسؤولين والوفد الحاضر لهذه الفعاليات، تم فتح باب المداخلات التي تقدم بها بعض الحاضرين، تلته تقديم عرض المبادرات التحسيسية المزمع القيام بها من أجل التغيير الاجتماعي والسلوكي لتحسين الحالة الصحية لدى الأطفال خلال 1000 يوم الأولى، من أجل تعزيز التغذية والرعاية الصحية لفائدة الأمهات قبل وبعد الولادة، والتشجيع على الرضاعة الطبيعية، وتحسين ممارسات التغذية التكميلية، والتحسيس بالوالدية الإيجابية، وأهمية التعليم الأولي على المسار الدراسي للطفل.
وفي الختام، قام عبد الفتاح أشهبار، رئيس مصلحة بقسم العمل الاجتماعي بعمالة الحسيمة، بإسم كل الحاضرين، برفع برقية ولاء وإخلاص إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وذلك بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
تعليقات الزوار ( 0 )