أثار الإحصاء الذي تجريه المندوبية السامية للتخطيط في المغرب خلال شهر سبتمبر الجاري جدلاً واسعاً واستياءً وسط عدد من الأساتذة والإعلاميين، حيث عبروا عن انتقاداتهم الشديدة لطبيعة الأسئلة المدرجة في استمارات الإحصاء.
فقد عبر المنتقدون عن استيائهم من بساطة الأسئلة وعدم قدرتها على فهم الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمغرب بشكل شامل. وطرحوا تساؤلات حول جدوى إنفاق المليارات على عملية إحصائية لا تقدم معلومات دقيقة ولا تعكس الواقع الحقيقي.
السوسيولوجي حميد بكاري، أحد المنتقدين، عبر عن صدمته من نوعية الأسئلة التي طرحت عليه أثناء الإحصاء. وقال بكاري: “كنت أتوقع أسئلة أكثر عمقاً تتيح فهم تطور الأسر المغربية، مثل عدد العاملين والعاطلين، لكن الأسئلة كانت بسيطة ومحدودة.” وأضاف مستنكراً: “تم إنفاق أموال طائلة دون رؤية واضحة، والنتيجة كانت مخيبة للآمال.”
كما عبرت الناشطة إشراق بنعللا عن رأيه قائلاً: “الأسئلة المتعلقة بسنة الزواج أو الوفيات لا تقدم معلومات ذات قيمة. إنها أسئلة تافهة ولا تعكس الواقع الاجتماعي للأسر المغربية.”
الإعلامية سعيدة شريف شاركت تجربتها مع باحثة الإحصاء، حيث قالت: “طرحت عليّ أسئلة شخصية بسيطة، مثل العمر والحالة الاجتماعية، وعند انتهاء الاستبيان شعرت بخيبة أمل. هل هذا هو الإحصاء الذي نتحدث عنه؟ إنه استبيان سطحي ولا يقدم رؤية واضحة.” وأضافت شريف: “لا أعتقد أن هذه الطريقة ستساهم في تحسين السياسات العامة أو وضع خطط تنموية فعالة.”
الأستاذ الجامعي إدريس عبيزة عبر عن استغرابه أيضاً، حيث قال: “الاستبيان لم يتطرق إلى المواضيع الاجتماعية والاقتصادية المهمة. لم يتم سؤالي عن عدد أفراد الأسرة أو وضعهم المهني، وهي معلومات ضرورية لفهم الواقع.”
من جانبها، بررت مصادر استخدام استمارات قصيرة بمشاكل تقنية تتعلق ببطء التطبيق المعلوماتي، مما دفع المهندسين إلى الاكتفاء بعينة صغيرة من السكان.
لكن مصدراً مسؤولاً من المندوبية السامية للتخطيط نفى هذه الانتقادات، مؤكداً وجود استمارتين للإحصاء، الأولى تركز على ظواهر نادرة، والثانية تشكل قاعدة لبحوث مستقبلية. وأوضح المصدر أن العينة المختارة تمثل 20% من السكان، وهي كافية لتكوين صورة دقيقة عن المجتمع المغربي.
ومع استمرار الجدل، يبقى السؤال مطروحاً حول مدى فعالية هذا الإحصاء في تقديم معلومات دقيقة تساعد في تطوير السياسات العامة وصنع القرار في المغرب.
تعليقات الزوار ( 0 )