لم تعد قيادة السيارة في شوارع طنجة مهمة عادية، بل أصبحت مغامرة يومية وسط زحام خانق يزداد تفاقمًا صيفًا وشتاءً. المدينة، التي تتنفس البحر وتنبض بالحياة، تبدو اليوم عالقة في اختناق مروري لا ينتهي، مما يعطل ديناميتها ويهدد جاذبيتها كوجهة سياحية وصناعية.
ازدحام الطرقات لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل تحول إلى تحدٍ رئيسي يواجه طنجة، خاصة مع إقبالها على تنظيم تظاهرات قارية وعالمية تستقطب الزوار من كل حدب وصوب، فشوارع المدينة تضيق بسياراتها، والمشهد اليومي يعكس تناقضًا صارخًا بين طموحات التطور والواقع المرير للبنية التحتية.
ويبدو أن الانفجار الديموغرافي للمدينة، الذي حولها إلى قطب صناعي مزدهر، ساهم بشكل كبير في تعقيد الأزمة، إذ أن آلاف العمال يتدفقون يوميًا من مختلف المدن المغربية، ما يجعل الشوارع أشبه بسيل لا يتوقف من المركبات، بدءًا من ساعات الصباح الأولى وحتى المساء، وبينما تسعى المدينة لمواكبة هذا التوسع بقرارات جديدة لتنظيم السير، تبقى المحاور الطرقية عاجزة عن استيعاب هذا الزخم المروري الكثيف.
وتزيد معاناة الطنجاويين مع نظام نقل حضري لا يرتقي للطموحات؛ حافلات قديمة وتاكسيات تقليدية هي الوسائل الأساسية للتنقل، في وقت انتقلت فيه مدن عالمية إلى حلول أكثر تطورًا وانسيابية، مثل المترو والترامواي. الفعاليات المحلية تدق ناقوس الخطر، محذرة من أن استمرار هذا الوضع سيجعل من طنجة مدينة بلا حركة، ويهدد جاذبيتها كعاصمة اقتصادية لشمال المغرب.
الرهان اليوم على إيجاد حلول جذرية لا ترقيعية، تبدأ بمشاريع نقل حضري حديثة وتوسيع المحاور الطرقية، ولا تنتهي عند تعزيز ثقافة استخدام وسائل النقل البديلة، لعل طنجة تستعيد أنفاسها وتتحرر من هذا الاختناق الذي يربك يوميات سكانها وزوارها على حد سواء.
تعليقات الزوار ( 0 )