في إطار تخليد الذكرى التاسعة والستين لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، شهد مقر الأمن الجهوي بمدينة الحسيمة صباح يوم الجمعة 16 ماي 2025، تنظيم حفل رسمي حضره السيد حسن زيتوني، عامل عمالة إقليم الحسيمة، إلى جانب عدد من الشخصيات المدنية والعسكرية، وذلك احتفاءً بهذا الحدث الوطني الهام الذي يخلد مسيرة طويلة من العطاء والتضحية في سبيل أمن واستقرار المملكة.
افتتحت المراسيم بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها أداء النشيد الوطني، ثم ألقى العميد الإقليمي ورئيس الأمن الجهوي بالنيابة، السيد سعيد الإدريسي، كلمة افتتاحية استعرض خلالها الجهود المتواصلة التي تبذلها مصالح الأمن الوطني للحفاظ على النظام العام وضمان سلامة المواطنين والممتلكات، مؤكداً على الاحترافية العالية التي باتت تميز الأداء الأمني على مختلف المستويات.
وتضمن الحفل عرضاً ميدانياً متميزاً للوحدات الأمنية، شمل تشكيلات من فرق التدخل السريع، ووحدات الكلاب البوليسية المدربة، إضافة إلى الفرق المختصة في مكافحة الشغب، حيث أبانت جميعها عن جاهزية ميدانية وتقنية عالية نالت استحسان الحاضرين.
وخلال كلمته، استحضر العميد الإدريسي اللحظة التاريخية التي أعطى فيها المغفور له الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه، أوامره السامية يوم 16 ماي 1956 بإحداث المديرية العامة للأمن الوطني، مشيراً إلى أن هذا التأسيس شكل انطلاقة قوية لترسيخ دولة المؤسسات وسيادة القانون تحت القيادة المتبصرة لملوك الدولة العلوية الشريفة، من جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي لا يدخر جهداً في تثمين العمل الأمني ودعمه، كما ورد في خطابه السامي بتاريخ 29 يوليوز 2017.
وأوضح المتحدث أن هذه المناسبة تشكل محطة سنوية لتجديد الالتزام بمواصلة مهام حماية الأمن العام، واحترام الحريات وحقوق الإنسان، وترسيخ مفاهيم شرطة القرب، وتعزيز شراكاتها مع مختلف مكونات المجتمع المدني لبناء مجتمع يسوده الأمن والاستقرار.
وفي السياق ذاته، أبرز الإدريسي أن المديرية العامة للأمن الوطني واصلت خلال السنوات الأخيرة تحديث بنياتها وخدماتها عبر اعتماد الرقمنة كأساس لتجويد الخدمة الشرطية، حيث انتقلت سنة 2024 إلى المستوى الثاني في استغلال البنية الرقمية لتقديم خدمات للمواطنين، من خلال منصة الهوية الرقمية والبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، والتي أصبحت تُستغل كوثيقة خدماتية متعددة الوظائف، فضلاً عن إدماجها في فضاءات رقمية مثل خدمة “بطاقة السوابق” الإلكترونية وخدمة “حجز المواعيد”، و”التسجيل في مباريات الأمن”.
كما أعلن المسؤول الأمني أن المديرية تعمل حالياً على تطوير برامج ذكية تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي للتعرف على الأشخاص وتحديد هويات المبحوث عنهم، وقد تم تجريبها بنجاح ميداني. كما تشمل هذه التحديثات منظومات متطورة لرصد لوحات السيارات باستخدام الكاميرات الحضرية وأخرى محمولة لعناصر الأمن، ما مكّن من ضبط مركبات موضوع بلاغات بحث أو سرقة.
وفي جانب آخر، أكد الإدريسي أن مصالح الأمن استثمرت منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، لتعزيز فعالية منظومة “طفلي مختفي”، ما ساهم في تحديد مواقع عدد من الأطفال القاصرين المبلغ عن اختفائهم.
وفي ظل التحديات الإقليمية والدولية المتصلة بالتهديدات الإرهابية والجرائم المنظمة، أوضح العميد الإدريسي أن المديرية العامة للأمن الوطني اعتمدت خطة استراتيجية شاملة تقوم على مبادئ الحكامة الأمنية، والإنتاج المشترك للأمن، والشرطة المواطنة، وتدبير الموارد البشرية والمادية بشكل عقلاني.
كما تم تعزيز فرق مكافحة الجريمة، وخاصة فرقة la BAG المختصة بالتدخلات النوعية، في إطار تنسيق متكامل مع مختلف الفرق المختصة، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، بهدف ترسيخ الإحساس بالأمن لدى المواطنين.
وفي إطار تطوير البنيات المادية، تم تزويد مصالح الأمن الجهوي بأسلحة بديلة من بينها “BOLAWRAP” والمسدسات الكهربائية، التي تُستعمل في العمليات التي تستدعي توقيف أشخاص دون المساس بسلامتهم الجسدية.
وفي مجال محاربة الجريمة السيبرانية، تم إحداث منصة “إبلاغ”، التي تم الشروع في العمل بها في يونيو 2024، والتي توصلت حتى متم السنة ذاتها بأزيد من 12 ألف إشعار وبلاغ، همت أساساً جرائم التهديد والابتزاز والتحريض والاشادة بالإرهاب، وتمت معالجتها وفق القوانين الجاري بها العمل.
وفي إطار مواكبة التوسع العمراني والديموغرافي، أشار الإدريسي إلى الانتهاء من الدراسات التقنية الخاصة بمفوضية بني بوعياش، والاستعداد لانطلاق أشغال بناء مفوضية جديدة بمدينة إمزورن، بالإضافة إلى إحداث مقر للفرقة المتنقلة للحفاظ على النظام بنفس المدينة، بشراكة مع مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
كما تم تعزيز خدمات شرطة القرب عبر وحدات متنقلة لإنجاز بطاقة التعريف الوطنية، استفاد منها آلاف المواطنين بالمناطق القروية، من بينهم مستفيدون من العفو الملكي السامي في ملفات زراعة القنب الهندي.
وأكد الإدريسي أن النتائج الإيجابية المسجلة على صعيد الأمن الجهوي بالحسيمة ما كانت لتتحقق لولا الدعم المادي والمعنوي الذي تحظى به أسرة الأمن الوطني من طرف السيد عامل الإقليم، الذي أشاد به في ختام كلمته، كما عبّر عن امتنانه للنيابات العامة وهيئات المجتمع المدني والإعلام الجهوي والمحلي على تنوير الرأي العام وارساء الأمن الاجتماعي.
وفي ختام الحفل، رفع العميد الإدريسي، باسم جميع أطر وعناصر الأمن الجهوي، أسمى آيات الولاء والإخلاص إلى السدة العالية بالله، مولانا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، سائلاً المولى عز وجل أن يحفظ جلالته ويقر عينه بولي عهده الأمير مولاي الحسن، ويشد عضده بصنوه الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة العلوية الشريفة، عاهدين اياه بالوفاء على خدمة المصالح العليا للمواطنين تحت الشعار الخالد “الله الوطن الملك”.
تعليقات الزوار ( 0 )