في مبادرة تربوية بيئية رائدة، نظّمت جمعية التدبير المندمج للموارد (AGIR) برنامجاً توعوياً لفائدة تلاميذ مدينة الحسيمة يومي 29 و30 ماي 2025، يهدف إلى تسليط الضوء على تداعيات التلوث البلاستيكي على التنوع البيولوجي البحري، ودوره في اختلال التوازن البيئي وتهديد السلسلة الغذائية البحرية وصحة الإنسان.
البرنامج، المنظم بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة والمديرية الإقليمية للتربية الوطنية بالحسيمة، شكّل فرصة لتلاميذ المؤسسات التعليمية للتعرف على التحديات البيئية التي تواجه السواحل المغربية، في ظل تزايد كميات الميكرو-بلاستيك المتسربة إلى المحيطات والبحار، والمرتبطة بالاستهلاك البشري للبلاستيك في الحياة اليومية.
وشمل اليوم الأول من البرنامج تجربة ميدانية نوعية، تمثّلت في خرجة علمية إلى خليج الحسيمة، حيث شارك التلاميذ في عملية جمع عينات من الميكرو-بلاستيك والبلانكتون باستخدام “شباك مانتا”، وهي أداة متخصصة مزوّدة بشبكة دقيقة تُجر خلف قارب على سطح المياه. تم لاحقاً ترشيح العينات وغسلها تمهيداً لتحليلها في المختبر.
هذه المنهجية العلمية مكنت المشاركين من جمع بيانات دقيقة حول وجود وانتشار الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في الطبقة السطحية للبحر، بما يساهم في رصد الحالة البيئية للسواحل وتقييم حجم التهديد الذي تواجهه الكائنات البحرية.
أما اليوم الثاني، فقد خُصص لورشة تطبيقية داخل مختبر الكلية متعددة التخصصات بالحسيمة، حيث عاين التلاميذ العينات تحت المجهر وتعرفوا على أنواع الجزيئات البلاستيكية حسب اللون والحجم والشكل، كما تعرفوا على الكائنات الدقيقة المرتبطة بها. وتم شرح آليات انتقال هذه الجسيمات عبر السلسلة الغذائية، بدءاً من البلانكتون وصولاً إلى الأسماك والكائنات البحرية الأكبر، وحتى المستهلك النهائي: الإنسان.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح رئيس الجمعية، حسين نيباني، أن هذه التجربة التفاعلية تهدف إلى تعزيز وعي الناشئة البيئي، وربطهم بشكل مباشر بالعلم والمعرفة الميدانية، مشدداً على أن البلانكتون يشكل عنصراً محورياً في النظام البيئي البحري، وتعرضه للتلوث بالجزيئات البلاستيكية يهدد توازن السلسلة الغذائية بأكملها، ويؤدي إلى اضطرابات بيولوجية قد تشمل اختفاء أنواع أو تراجع الكتلة الحية البحرية.
وشدد نيباني على أن تراكم الجزيئات البلاستيكية في أجسام الكائنات يؤثر بشكل كبير على صحتها وقدرتها على التكاثر، وهو ما ينعكس بدوره على التنوع البيولوجي والاستقرار البيئي في المحيطات.
واختتم البرنامج بجلسة نقاشية قدّم خلالها التلاميذ توصياتهم، والتي تضمنت الدعوة إلى تقليص استخدام المواد البلاستيكية، وتوسيع حملات تنظيف الشواطئ، إلى جانب إدماج التربية البيئية بشكل أوسع في المناهج الدراسية، بما يعزز الحس البيئي لدى الأجيال القادمة ويشجعهم على المساهمة في حماية البيئة البحرية.
البرنامج شكّل تجربة تعليمية فريدة ومتكاملة، جمعت بين الجانب النظري والميداني، ورسّخت لدى التلاميذ مفاهيم المسؤولية البيئية والمواطنة المستدامة، في مواجهة أحد أبرز التحديات البيئية العالمية: التلوث البلاستيكي.
تعليقات الزوار ( 0 )