في خروج مثير للجدل، نشر القيادي بحزب الاستقلال وعضو لجنته التنفيذية السابق يوسف أبطوي تدوينة مطوّلة على حسابه بـ«فايسبوك»، عبّر فيها عن استيائه من أداء قيادة الحزب، وعلى رأسها الأمين العام نزار بركة، في التعاطي مع حراك جيل “زد” الذي خرج إلى الشارع قبل أيام للمطالبة بالكرامة والعدالة الاجتماعية. أبطوي استهل تدوينته بالتأكيد على أن المشهد السياسي بدا مرتبكًا بعد خروج الشباب إلى الشارع، حيث اختارت معظم الأحزاب الصمت وكأنها لم ترَ ما يحدث، مكتفية بالمراقبة من بعيد بدل المبادرة إلى الحوار أو الفهم، مضيفًا أن بعضها عاد بعد أيام قليلة بمواقف متباينة، بين من لجأ إلى لغة التخوين، ومن حاول ركوب الموجة، ومن التف على جوهر المطالب بدل معالجتها بصدق وشجاعة، متسائلًا ما إذا كانت هذه الأحزاب تملك فعلًا القدرة على فهم هذا الجيل الجديد واستيعاب طموحاته.
وانتقد أبطوي الظهور الإعلامي الأخير لنزار بركة، معتبرا أن خطابه كان كلاسيكيا، غارقا في التنميط، ولا يخاطب جيلا وُلد في قلب الرقمنة والتواصل الفوري، جيلًا يفهم بلغة “تمغربت” الواضحة والمباشرة، لا بلغة الأرقام الفلكية التي لا يلمس أثرها في واقعه اليومي. وتوقف أبطوي عند تصريح بركة حول خلق “24 مليون فرصة شغل” بوزارة التجهيز والماء، معتبرا أن هذا الرقم لا يعكس واقعا ملموسا في ظل بطالة تقارب 30% في صفوف حاملي الشهادات. كما عبر عن استغرابه لاستعمال الأمين العام تعبير “تطهير الحزب” من أكثر من نصف أعضاء لجنته التنفيذية، واصفا ذلك بأنه تعبير مؤسف ومحمل بدلالات إقصائية لا تليق بتاريخ حزب عريق بُني على التنوع والاختلاف، مشيرا إلى أنه يعتز بالانتماء إلى صف مناضلين شرفاء دافعوا عن الديمقراطية الداخلية.
وأضاف أن الحزب تحول في السنوات الأخيرة إلى فضاء مغلق تُحتكر فيه الكلمة لصوت واحد، كما في رواية “1984” لجورج أورويل، حيث يُلغى الاختلاف ويُرفع شعار الولاء للمريدين لا للمناضلين، موضحا أن تعديل النظام الداخلي الذي استبدل الانتخابات بالتعيين داخل اللجنة التنفيذية أنهى مرحلة مشرقة من الديمقراطية الداخلية التي ميّزت الحزب. وذكّر بأن ديمقراطية المؤتمرات السابقة أفرزت وجوها استقلالية وازنة، متسائلا عن أسباب التغير الذي جعل الحزب يعيش حالة من الانغلاق والخوف من الاختلاف. وكشف أبطوي أنه كان من بين الرافضين لعودة نزار بركة إلى قيادة الحزب، ليس لأسباب شخصية، بل لعدم اقتناعه بمشروعه السياسي، قائلا إنه دفع ثمن موقفه بتعرضه لإهانات لفظية خلال اجتماع رسمي، ثم تسريب فيديو من داخل مقر الحزب، قبل أن يعقد الفريق البرلماني اجتماعا للمطالبة بإدانته وطرده، وصولا إلى رفع دعوى قضائية ضده، واصفا ما جرى بأنه سابقة في تاريخ الحزب.
واعتبر أن الحزب لم يعقد أي اجتماع طارئ أو نقاش جدي حول حراك جيل زد ومطالبه الاجتماعية، وكأن الحزب الذي وُلد من رحم الحركة الوطنية فقد إحساسه بالشارع المغربي، متسائلًا كيف لحزب يعجز عن إدارة خلاف داخلي بسيط أن يفهم هذا الجيل أو يقود مستقبله. وختم أبطوي تدوينته بالتأكيد على أن جيل اليوم لا ينتظر الخطب التقليدية ولا الوعود المكررة، بل يبحث عن الصدق والوضوح والإيمان الحقيقي بالديمقراطية، مشددا على أن جيل زد ليس خصما للأحزاب، بل فرصة لإعادة اكتشاف معنى السياسة وتجديد العلاقة بين الشباب والمؤسسات على قاعدة واحدة: الوطن أولا… والديمقراطية دائما. وأضاف في ختام تصريحه: “أنا لا أتفق مع حل الأحزاب السياسية، ولكن مع رحيل القيادات الكرتونية”.


تعليقات الزوار ( 0 )