دأبًا على نهجه التحريري والتقييمي مع نهاية كل سنة، اختار موقع “شمال بريس” هذه المرة المؤسسة الأمنية المغربية شخصية سنة 2025، وهو اختيار لم يأتِ اعتباطًا أو بدافع الرمزية، بقدر ما جاء تتويجًا لمسار مؤسساتي متكامل، حافل بالإنجازات والتدبير المحكم، والنجاعة الميدانية، تحت إدارة المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي.
اختيار يعكس المكانة المتقدمة التي باتت تحظى بها المؤسسة الأمنية، سواء على مستوى ترسيخ الأمن والاستقرار الداخلي، أو من خلال تعزيز الإشعاع الإقليمي والدولي للمغرب في مجال التعاون الأمني والاستخباراتي، بما يجسد رؤية قائمة على الاحترافية، والاستباق، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والتنزيل الدقيق للتوجيهات الملكية السامية في مختلف الأوراش الأمنية والاستراتيجية.
ولم تكن سنة 2025 سنة عادية في مسار المؤسسة الأمنية المغربية، بل شكلت محطة مفصلية عززت خلالها المملكة موقعها كفاعل أمني موثوق على الصعيدين الإقليمي والدولي، بفضل مقاربة شمولية تجمع بين الحكامة الجيدة، والتحديث المؤسساتي، والنجاعة العملياتية، والانخراط الفعّال في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والهجرة غير النظامية، والجرائم السيبرانية.
وهو مسار ارتبط بشكل مباشر بأداء المؤسسة الأمنية بمختلف مكوناتها، التي نجحت في جعل الأمن المغربي نموذجًا يُحتذى به، وشريكًا استراتيجيًا للعديد من الدول والمنظمات الدولية، الأمر الذي يبرر اختيارها شخصية سنة 2025 بالنظر إلى حجم التحديات التي واجهتها، والرهانات الكبرى التي أدارتها بكفاءة واقتدار.
- التعاون الأمني الدولي: تتويج الثقة الدولية في النموذج الأمني المغربي
ومن بين أبرز المنجزات التي وسمت سنة 2025، ورفعت منسوب الثقة الدولية في النموذج الأمني المغربي، احتضان مدينة مراكش، خلال الفترة الممتدة ما بين 24 و27 نونبر 2025، أشغال الدورة 93 للجمعية العامة لمنظمة الإنتربول، بمشاركة وفود أمنية رفيعة المستوى تمثل 181 دولة عضو، في أكبر تجمع عالمي لقادة أجهزة إنفاذ القانون.
ويُعد هذا الحدث اعترافًا دوليًا صريحًا بمصداقية ونجاعة المقاربة الأمنية المغربية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وترسيخ مكانة المغرب كفاعل محوري داخل المنظومة الأمنية الدولية.
وعلى مستوى التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، واصلت المديرية العامة للأمن الوطني توسيع شبكة شراكاتها الدولية، من خلال إبرام مذكرتي تفاهم مع كل من الشرطة الوطنية النرويجية والشرطة الفيدرالية الإثيوبية، إلى جانب تفعيل وتنزيل اتفاقيات تعاون أمني قائمة، تروم تبادل الخبرات وتعزيز القدرات في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة والعنيفة، والجريمة السيبرانية، وتطوير الكفاءات والموارد البشرية الأمنية.
وسجل قطب التعاون الأمني الدولي التابع للمديرية العامة للأمن الوطني معالجة ما يقارب 8000 ملف وطلب معلومات خلال سنة 2025، توزعت أساسًا على قضايا المخدرات بنسبة 36%، ومكافحة الهجرة غير الشرعية بنسبة 20%، فيما شكّل التعاون الأمني مع إسبانيا حوالي 37% من مجموع الطلبات، تليها فرنسا بنسبة 28%، ثم ألمانيا (11%) والولايات المتحدة الأمريكية (10%)، وهو ما يعكس كثافة الشراكات الدولية والثقة المتبادلة في الكفاءة الأمنية المغربية.
وعلى الصعيد العملياتي، نفذ المكتب المركزي الوطني (أنتربول الرباط) ما مجموعه 120 إنابة قضائية دولية، وعمم 127 أمرًا دوليًا بإلقاء القبض، أسفرت عن توقيف 144 شخصًا مبحوثًا عنهم دوليًا، إضافة إلى نشر 3173 مذكرة بحث وطنية استجابة لطلبات مصالح أمنية أجنبية، وتنفيذ إجراءات تسليم 35 أجنبيًا إلى بلدانهم، في مؤشر واضح على فعالية التنسيق الأمني المغربي وقدرته على الوفاء بالتزاماته الدولية.
- إحصائيات مكافحة الجريمة: ارتفاع معدل الزجر وتراجع الجريمة العنيفة
وعلى المستوى الداخلي، أظهرت مؤشرات سنة 2025 استقرارًا في إجمالي القضايا الزجرية، التي بلغت 779.008 قضية، مقابل تسجيل تراجع ملحوظ بنسبة 10% في مؤشرات الجريمة المقرونة بالعنف، وهي الجرائم التي تمس بشكل مباشر الإحساس العام بالأمن لدى المواطنات والمواطنين.
وبلغة الأرقام، سجلت جرائم السرقة تحت التهديد انخفاضًا بنسبة 24%, والسرقات بالكسر بنسبة 12%, والسرقات بالعنف بنسبة 6%, وهو ما يعكس نجاعة المقاربة الأمنية المعتمدة، القائمة على الاستباق، والانتشار الميداني المكثف، وتوظيف الوسائل العلمية والتقنية الحديثة في البحث الجنائي.
وفي مقابل هذا التراجع، حققت مصالح الأمن الوطني مستويات قياسية في معدل الزجر حيث بلغت نسبة استجلاء حقيقة الجرائم 95%, وهي من أعلى النسب المسجلة خلال السنوات التسع الأخيرة، كما لم تتجاوز الجرائم العنيفة 6% من مجموع القضايا الزجرية أي ما يعادل 43.869 قضية جرى خلالها توقيف 25.421 شخصًا، من بينهم 10.036 كانوا موضوع مذكرات بحث وطنية.
- مؤسسة أمنية في قلب الرهانات الاستراتيجية الكبرى
وإلى جانب أدوارها اليومية داخل التراب الوطني، اضطلعت المؤسسة الأمنية المغربية بأدوار استراتيجية في تأمين كبرى التظاهرات الوطنية والدولية، وعلى رأسها بطولة كأس أمم إفريقيا التي تحتضنها بلادنا، حيث أبانت عن قدرة عالية على التخطيط الاستباقي، والتنسيق المحكم بين مختلف المتدخلين، والعمل وفق المعايير الدولية المعتمدة، بما عزز ثقة الشركاء الدوليين في النموذج الأمني المغربي.
كما ساهمت المؤسسة الأمنية بشكل فعال في تأمين كأس العرب قطر 2025، حيث لعبت دورًا مهمًا في دعم المنظومة الأمنية القطرية، وضمان مرور التظاهرة في أجواء آمنة ومنظمة، مع توفير الخبرة المغربية في تدبير الحشود وتأمين الملاعب، والوقاية من المخاطر المرتبطة بالتظاهرات الرياضية الدولية. وقد عكست هذه المشاركة مستوى الثقة المتزايد في الكفاءات المغربية لدى الشركاء الإقليميين، ووضعت المغرب كمصدر للخبرة الأمنية، ليس فقط كمستفيد، بل كشريك استراتيجي يعزز نجاح الفعاليات الكبرى.
- حصيلة المديرية العامة للأمن الوطني لعام 2025
وكعادتها قدّمت المديرية العامة للأمن الوطني حصيلتها السنوية في سياق وطني ودولي مطبوع بتحديات أمنية متنامية، عاكسة حجم التحولات التي عرفها المرفق الشرطي المغربي، سواء على مستوى تحديث البنيات والتجهيزات، أو تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتعزيز الشعور العام بالأمن، وترسيخ شرطة القرب.
وتميزت سنة 2025 بالاستمرارية في تحديث البنية المؤسساتية للمديرية العامة للأمن الوطني، من خلال افتتاح المقر المركزي الجديد بالرباط كمجمع إداري عصري يعتمد الرقمنة وتكامل الخدمات، وافتتاح المعهد العالي للعلوم الأمنية بإفران لتكوين الأطر الأمنية وتعزيز البحث العلمي، مع توسيع شبكة مدارس التكوين الشرطي وترقية عدد من المفوضيات إلى مناطق أمنية، وتحديث أسطول المركبات وتجهيز دوائر ومصالح الشرطة بأنظمة المراقبة الحديثة، ما ساهم في رفع جاهزية التدخل وسرعة الاستجابة لمختلف الحوادث والاستحقاقات الأمنية.
وعلى صعيد الأداء العملي، برزت المديرية في مجالات التعاون الأمني الدولي من خلال احتضان الدورة 93 للجمعية العامة للإنتربول، وإبرام مذكرات تفاهم جديدة، والمساهمة الفعالة في تأمين التظاهرات الكبرى مثل كأس العرب قطر 2025 وكأس أمم إفريقيا، إلى جانب استعدادات المغرب لكأس العالم 2030. كما تم تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة الجريمة، مع تراجع الجرائم العنيفة وارتفاع معدل الزجر، وتعزيز الأمن العمومي وحفظ النظام، بالإضافة إلى تطوير برامج التكوين المهني للموظفين، وتعزيز التعاون المؤسساتي، والالتزام بالمعايير الحقوقية، ودعم البعد الإنساني والاجتماعي لفائدة أسرة الأمن الوطني، ما أكسب المؤسسة ثقة المواطنين وشركائها الدوليين.
إن اختيار المؤسسة الأمنية المغربية شخصية سنة 2025 يمثل تتويجًا رسميًا لمسار مؤسساتي متكامل، ويعكس الجهود المتميزة لمختلف مكوناتها تحت إشراف عبد اللطيف حموشي, في تعزيز الأمن والاستقرار، وترسيخ النموذج المغربي في الحكامة الأمنية داخليًا وخارجيًا.
ويؤكد هذا التتويج أن المغرب لم يكتف بتحقيق إنجازات ملموسة داخل الوطن فحسب، بل أصبح مرجعًا عالميًا في الأمن، الاستباقية، والتعاون الدولي، مما يجعل من المؤسسة الأمنية رمزًا للوطنية والكفاءة، وشريكًا استراتيجيًا في كل الرهانات الكبرى التي تضع المملكة في قلب الأحداث الدولية.


تعليقات الزوار ( 0 )