خريف تطاون كان هذه السنة باردا ، باردا لنا نحن الذين أكرمهم الله بفضله ووهبنا بيوتا تقينا القر ؛ولا خير فعلناه لنستحق كل هذا الكرم ؛أما إخوتنا وأخواتنا ممن وجدوا أنفسهم يفترشون أزقة تطاون الباردة لسبب او لآخر فقد عانوا روحا وجسدا وبعضهم رحل بجسده الى حيث الدفء الإلهي بينما بقيت روحه تؤنبنا نحن وأنتم وتسألنا لماذا لم نتحرك بالقليل الذي نملك لنغطيهم ولنطعمهم؟.
البارحة وأنا أتشرف بتسيير ندوة جمعية “رواحل الخير “حول ظاهرة التشرد بتطوان سأكتشف أمورا طالما انتظرتها وأمورا طالما أكدتها ومفادها باختصار :هذه الأمة خيرة، وفيها من الطيبات والطيبين ما يجعلنا نفخر.
نفخر لشلة توسعت زمانا ومكانا واحتوت بقلوبها مشردي المدينة في تلك اللحظات الباردة ، قدمت ما في وسعها وما استطاعت جمعه من المحسنين لساكني الأزقة المنسية وكانت داعمة لهم في وحدتهم .جميل هذه الشلة من الرواحل ومن جمعيات أخرى وغيرها نسيت اسمه في هذه التغريدة ….أنها لم تتوقف عند نقد الدولة ونقد الأغنياء لبناء ذاك الشبح السوداوي والتيئيسي لمجتمعنا ، بل تفاعلت وأنتجت فلله درها ولله در نسوتها ورجالها.
ندوة البارحة أطرها نخبة من الاساتذة الأفاضل تشعبوا في أوجه معالجة ظاهرة التشرد وعرضوا وجهات نظرهم الاكاديمية .ذ.رجاء أندلسي وقفت على الشق القانوني .ود.احمد المطيلي لامس الجانب النفسي للظاهرة.وذ معاد الحر قدم دراسة استبيانية اجتماعية وذ. امينة بن عبد الوهاب تحدثت كمسؤولة تحس بثقل الأمانة وتقدم لمشاريع اجتماعية ترى النور قريبا ان شاء الله.
وغاب اخونا ذ.طرمش احمد بسبب موت والدته رحمها الله وادخلها فسيح جنانه. وكما هو منتظر من ندوة عضوية وليست ترفا فكريا ، تفاعل الحضور وأصر على الكلام وأرغد … وأنت تدير نقاشا ولقاءا محددا بسقف زمني تجدك ملزما بالصبر فالكل يريد أن يقول كفى من النسيان والكل يريد مخرجا كريما لفئة مشردة وبين هذا وذاك يبدأ سلخ الذات .ذات الدولة وذات الفرد وذوات الجمعيات …. ورغم انك تحس ببعض الغضب من نظرة تشاؤمية أو أخت تنتظر أكثر من الدولة والمجتمع تحس بنشوة النصر.
ببساطة لأن من يحمل هما ويرغد وحتى ان سب فإن قلبه كبير ولأنه في تلك اللحظة التي كان يناقش فبها ملفا اجتماعيا إنسانيا كان غيره يتابع بربطة عنق أنيقة حفلا فنيا ويبتسم ملأ فاه وهو يأخذ صورا للذكرى (وذاك حقه وتلك قناعته). ندوة البارحة التي حملت شعار دفىء الشوارع ، جعلتنا نفخر بأهل تطوان وأهل المضيق والفنيدق ومرتيل وكثير من أهالينا بباقي وطني الحبيب .نساء ورجال تحركوا في ظلمات الليل بصمت ولكنهم أحدثوا صراخا وعويلا سمعته كل الكائنات الا بعض البشر .جمعيات كالرواحل نزلت وقدمت واستمعت واحتضنت وقبلت أطفالا وكبارا مرميين في الشوارع ثم جاءت لتنظم ندوة لا لتفتخر بعملها ولكن لتؤطره أكاديميا ولتستمع للخبراء والمسؤولين والأطباء علنا وبتوحد نظراتنا نصل إلى يوم نقول فيه : هل تذكر شيئا عن ملف كان يسمى التشرد ؟ لم نعد نراه ولله الحمد ؟ وما ذلك على الله بعزيز وعلى قلوب رجال ونساء … .وآه من النساء هن أملنا في الحل لأن قلوبهن ارأف واطهر في الخير. وللرواحل” اقول جزاكم الله ، فما الكل ميسر للخير.
يوسف بلحسن
تعليقات الزوار ( 0 )