في خضم هذه الليالي الجاثمة بفيروسها على قلب النهار تشتد الحاجة إلى السعي دأبا، لإيقاد حطب الإيمان، وصب زيت الفأل عليه…لينفي خبث الفيروسات، ويطأطئ الليل رأسه إجلالا، لقدوم النهار المنبثق من شمس النبوءة…
ألا فقد فار اليوم تنور الأوبئة، واستطار شرار فيروساتها، وغطت حرائقها العالم كله…حتى احترقت أشرعة الحضارات، وها نحن نتكفأ ريح كورونا بأيدينا، وأثوابنا…لا يسعنا إلا أن نتوسد برداء النبوة، ونتخذه سربالا يقينا بإذن الله برد هذه الريح القاصفة..
فمما ورد من تعامله ﷺ مع الأوبئة المعدية، ما جاء في صحيح مسلم من حديث عمرو بن الشريد، عن أبيه، قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم «إنا قد بايعناك فارجع».
وفي هذا دليل على العزل الصحي، وأن ابتعاد الأصحاء عن ذوي الأمراض المعدية، ومجانبتهم، لا ينافي الشرع، وأنه سبب، ليس مسببا، فلا يعدي شيء شيئا إلا بقدر الله..
قال الطبري : والصواب عندنا صح به الخبر عنه ﷺ، أنه قال: «لا عدوى» وأنه لا يصيب نفسا إلا ما كتب عليها، فأما دنو عليل من صحيح فإنه غير موجب للصحيح علة، وسقما غير أنه لا ينبغي لذي صحة الدنو من الجذام، والعاهة التي يكرهها الناس، لا أن ذلك حرام، ولكن حذار من أن يظن الصحيح إن نزل ذلك الداء يوما أن ما أصابه لدنوه منه فيوجب له ذلك الدخول فيما نهى عنه عليه السلام وأبطله من أمر الجاهلية في العدوى.
قال ابن القيم في معرض حديثه عن قوله صلى الله عليه وسلم «فر من المجذوم»: فالنبي صلى الله عليه وسلم لكمال شفقته على الأمة، ونصحه لهم نهاهم عن الأسباب التي تعرضهم لوصول العيب والفساد إلى أجسامهم وقلوبهم، ولا ريب أنه قد يكون في البدن تهيؤ واستعداد كامن لقبول هذا الداء، وقد تكون الطبيعة سريعة الانفعال قابلة للاكتساب من أبدان من تجاوره وتخالطه، فإنها نقالة، وقد يكون خوفها من ذلك ووهمها من أكبر أسباب إصابة تلك العلة لها، فإن الوهم فعال مستول على القوى والطبائع، وقد تصل رائحة العليل إلى الصحيح فتسقمه، وهذا معاين في بعض الأمراض، والرائحة أحد أسباب العدوى، ومع هذا كله فلا بد من وجود استعداد البدن وقبوله لذلك الداء…
ونستخلص من ذلك ما أرشد إليه في قوله ﷺ حين سئل: ما النجاة؟
قال:
- «أمسك عليك لسانك» (عدم ترويج الإشاعات).
- «وليسعك بيتك» (البقاء في المنزل).
- «وابك على خطيئتك» (الاستغفار والدعاء).
“فالوباء كالنار…وأنتم وقودها, تفرقوا حتى لا تجد ما يشعلها فتنطفئ”
عمرو بن العاص رضي الله عنه مخاطبا أهل الشام عند ظهور الطاعون,
فالواجب علينا التأسي بأهل الشام وأن نلزم منازلنا حتى ينطفئ هذا الوباء بإذن الله…
بقلم: أشرف لعروصي/طالب باحث في سلك الدكتوراه
رائع دكتور أشرف بارك الله فيك ونفع بك
مقال أجاد صاحبه وأفاد وليس مستغربة على مثل الأستاذ أشرف العروسي خريج دار الحديث المعروف بمثافنة أهل العلم في شتى العلوم والفنون فجزاه الله خيرا
مقال أجاد صاحبه وأفاد وليس مستغربا على الأستاذ أشرف العروسي درة المغرب وريحانة الشمال وخيرة خريجي دار الحديث المعروف بمثافنة أهل العلم في شتى العلوم والفنون فجزاه الله خيرا
افدتم وأجدتم الاستاذ أشرف اسأل الله ان يبارك فيكم