تَبَعا للانفراد الحصري الذي نشره “بوغطاط المغربي” في مقال سابق بتاريخ 19 نونبر 2024، والذي كشفنا فيه كيف قام كل من محمد حاجب وعلي المرابط بتحريف حكم قضائي “غير نهائي” لتضليل الرأي العام، سنعود إلى الموضوع من أجل تسليط الضوء على تفصيلة غاية في الأهمية وردت في نص الحكم والتي تؤكد صِدقية ومشروعية الموقف المغربي إبّان الأزمة بين المملكة المغربية وجمهورية ألمانيا الاتحادية بين 2020 و2021.
الجميع يتذكر إعلان وزارة الخارجية المغربية في بداية ماي سنة 2021، عن استدعاء المغرب لسفيرة جلالة الملك لدى برلين للتشاور على إثر المواقف العدائية الممنهجة التي راكمتها ألمانيا تجاه المغرب والتي انتهكت من خلالها المصالح العليا للمملكة المغربية، حيث إلى جانب تسجيل ألمانيا لموقف عدائي صريح في قضية الصحراء المغربية عقب الاعتراف الأمريكي، وكذا محاربة برلين بشكل مستمر، وبلا هوادة للدور الإقليمي الذي كان يلعبه المغرب، وتحديدا في الملف الليبي، فإن السلطات الألمانية كانت قد عمدت إلى التواطؤ مع إرهابي سابق، في إشارة إلى محمد حاجب، لاسيما من خلال الكشف عن معلومات حساسة قدمتها أجهزة الأمن المغربية إلى نظيرتها الألمانية حول الشخص المذكور.
وقد شكك المشككون والمغرضون والعدميون آنذاك، في صِدقية الأسباب والحجج التي قدمها المغرب آنذاك حول موقفه من عداء ألمانيا، خصوصا في مسألة التواطؤ مع الإرهابي السابق محمد حاجب، حيث كانوا يعتبرون اتهام المغرب سرياليا لا أساس له من الصحة وأنه مجرد افتعال للأزمة مع الأجهزة الأمنية الألمانية للضغط عليها في قضية حاجب… ولكن لأن الحق دائما يعلو ولا يعلى عليه مهما طال الزمن، فقد تأكد اليوم ومن داخل القضاء الألماني صِدقية ومشروعية الموقف المغربي في 2021.
وفي هذا الصدد، فمن ضمن التفاصيل المهمة الكثيرة التي وردت في حكم قضائي صادر عن المحكمة الإدارية بتاريخ 17 أكتوبر 2024، في قضية كان قد رفعها محمد حاجب ضد “المكتب الاتحادي لحماية الدستور” المعروف اختصارا بـ “BfV”، وهو جهاز استخبارات ألماني داخلي، هي معلومة تؤكد بأن ضابطا في جهاز أمني ألماني أبلغ محمد حاجب في اتصال هاتفي بتاريخ 14 أغسطس 2020، بأنه موضوع مذكرة توقيف دولية صدرت بحقه عن المغرب بتاريخ 13 أغسطس 2020. قانونيا يعتبر هدا الأمر إفشاء للسر المهني، و خرقا لضوابط عمل جميع الأجهزة الأمنية في العالم، بل تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون في مختلف الدول.
وحسب نفس المعلومة الواردة في الحكم، فإن الضابط الألماني طمأن محمد حاجب بأنه لا داعي لأن يقلق من تسليمه إلى المغرب، مؤكدا له أن السلطات الإيرلندية لن تتعاون في تنفيذ هذا الطلب، حيث كان حاجب قد قرر السفر إلى إيرلندا.
هذه الفقرة المهمة التي وردت في الحكم، تؤكد التصرفات العدائية للسلطات الألمانية تجاه المصالح الأمنية المغربية، وتثبت صحة وصدقية الاتهامات التي سبق أن وجهتها المملكة المغربية إلى ألمانيا حول التهاون في التعاون الأمني وحماية شخص مدان في قضية إرهابية، بل وتواطئها الصريح معه، حيث تبين في ذلك الوقت أن السلطات الألمانية كانت تستعمل حاجب كورقة ضغط تعاكس بها المصالح المغربية، قبل أن تتخلص منه بعد أن قضت وطرها منه، ليعود هو بدوره إلى مقاضاة الأجهزة الألمانية بعد أن رفضت مساومته لها.
هذه الفقرة المهمة التي وردت في الحكم، تؤكد التصرفات العدائية للسلطات الألمانية تجاه المصالح الأمنية المغربية، وتثبت صحة وصدقية الاتهامات التي سبق أن وجهتها المملكة المغربية إلى ألمانيا حول التهاون في التعاون الأمني وحماية شخص مدان في قضية إرهابية، بل وتواطئها الصريح معه، حيث تبين في ذلك الوقت أن السلطات الألمانية كانت تستعمل حاجب كورقة ضغط تعاكس بها المصالح المغربية، قبل أن تتخلص منه بعد أن قضت وطرها منه، ليعود هو بدوره إلى مقاضاة الأجهزة الألمانية بعد أن رفضت مساومته لها.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الرفض كان بأشهر قليلة قبل أن تَتَكَرَّس المصالحة بين ألمانيا والمغرب خلال محادثات لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة في الرباط نهاية أغسطس 2022، صدر على إثرها بيان مشترك اعتبر أن مقترح الحكم الذاتي الذي تطرحه الرباط “قاعدة جيدة” لحل قضية الصحراء المغربية، وهو الموقف الذي رسخ أكثر ما جاء في بلاغ الخارجية الألمانية في ديسمبر 2021 والذي كان الخطوة الأولى نحو المصالحة بين ألمانيا والمغرب.
كما تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الإدارية لكولونيا لم تعترض على هذا الرفض إطلاقا… أي أنه لا وجود لأي “منع” مفروض قضائيا على المخابرات الألمانية من نقل معلومات عن حاجب إلى المخابرات المغربية.
وبهذا، يتأكد مرة أخرى أن المواقف المغربية تستند إلى وقائع موثقة وأدلة موضوعية. والمؤسسات المغربية، سواء الأمنية أو القضائية، تعمل بشفافية واحترافية وفقًا للمعايير الدولية، مما يعزز مصداقيتها على المستوى العالمي.
إن المملكة المغربية، التي تضع سيادة القانون واحترام الحقوق والحريات في صلب سياساتها، لا تعتمد في مواقفها على ادعاءات عشوائية أو افتراضات غير مدعومة، بل تستند إلى الحقائق والالتزامات الدولية المشتركة. وبالتالي، فإن أي محاولة للتشكيك في هذه المواقف لا تستند إلا إلى تصورات مغلوطة أو مصالح ضيقة تتجاهل طبيعة التحديات الأمنية الكبرى التي تواجه العالم اليوم.
تعليقات الزوار ( 0 )