في زمن الإعلام البديل، ظهرت العديد من الأصوات التي ادعت امتلاك الحقيقة المطلقة، ولبست عباءة “المناضل المنفي”، لكنها في العمق لم تكن سوى أدوات مشبوهة في يد خصوم الوطن. ومن بين هؤلاء، يبرز اسم هشام جيراندو، الذي نجح، لا لشيء، سوى في ترويج الكراهية وتغذية الأوهام، عبر ما يسمى بمنصة “تحدي”، التي تحولت إلى ملتقى للحاقدين وفضاء مفضل لنفث السموم ضد المغرب ومؤسساته.
فجيراندو ليس سوى نموذج مكرر لـ”المعارض الافتراضي”، الذي يستغل شبكات التواصل الاجتماعي من أجل تأثيث خطاب عدمي، لا يقدم أي بديل واقعي أو مشروع فكري ناضج، بل يقتات على الإثارة، ويعيش على نشر الإشاعة، والتحامل الأعمى على كل ما يمت بصلة للدولة المغربية.
وقد أصبح من الواضح أن شغله الشاغل هو تشويه صورة أكثر المؤسسات كفاءة ومهنية في المغرب، وعلى رأسها المديرية العامة للأمن الوطني، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الديستي)، ومديرية الدراسات والمستندات (لادجيد)، وهي مؤسسات تحظى اليوم باحترام داخلي ودولي لما حققته من نجاحات أمنية واستخباراتية لافتة، سواء في مكافحة الإرهاب أو الجريمة المنظمة أو حماية أمن الوطن والمواطنين.
فالكل لاحظ أن جيراندو يصب جام هجومه على المؤسسة الأمنية المغربية، في محاولة يائسة للنيل من إحدى أقوى وأكفأ مؤسسات الدولة، التي حققت نجاحات ميدانية ومعلوماتية بشهادة المغاربة وكل العالم، من مواطنين، وجاليات مقيمة بالخارج، إلى مؤسسات استخباراتية وأمنية دولية كبرى. حيث يكشف التركيز المرضي لهذا الشخص على مهاجمة الأمن الوطني، حجم الانزعاج من مؤسسة تُجسد اليوم صورة الانضباط والنجاعة والثقة، لدرجة أن الشارع المغربي أصبح يطالب باقتداء باقي المؤسسات الحكومية بها في التسيير والتدبير. ومع ذلك، يصر جيراندو على قلب الحقائق وشيطنة النجاحات، خدمة لأجندات لا علاقة لها لا بالحرية ولا بالنقد.
وبالنسبة لصفحة “تحدي”، التي يديرها هذا الشخص، فقد انكشف للجميع أنها ليست سوى واجهة رقمية لخطاب متطرف، ينتقي ضيوفه من بين أسوأ خصوم الوطن: انفصاليون، دعاة فوضى، أصحاب السوابق في التهجم على رموز الدولة، بل وحتى من باعوا أنفسهم لأجندات خارجية لا تخفى على أحد. كل حلقة، كل تدوينة، كل بث مباشر، هي جرعة جديدة من التحريض والتشكيك ومحاولة النيل من تماسك المغاربة وثقتهم بمؤسساتهم.
لكن الأخطر في الأمر، أن هشام جيراندو لا يُخفي عداءه، بل يجاهر بانحيازه التام لكل ما من شأنه أن يضرب استقرار المغرب ووحدته الترابية، مستغلاً الخطاب الحقوقي كقناع، فيما هو يمارس أبشع أشكال التضليل الإعلامي والابتزاز العاطفي لجمهور فقد البوصلة.
والمؤسف أن بعض المتابعين، بحسن نية أو بدافع الغضب من ظروف شخصية، قد يقع في فخ هذا النوع من المحتوى العدائي، دون إدراك أنه يخدم أجندة أكبر من مجرد “نقد السلطة” أو “التعبير عن الرأي”، بل هو معول هدم موجه، بتخطيط دقيق، لضرب ما بناه المغاربة بتضحيات جسام.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يجب أن نكون يقظين أمام هذه الأصوات المسمومة، وأن نفرق بين المعارضة البناءة، التي يريدها الوطن وتثري النقاش العمومي، وبين أدوات الهدم التي تلبس رداء النقد فيما هي تشتغل ضمن مشروع تخريبي ممنهج.
ويجب أن لايخفى علينا أن المغرب ليس دولة مثالية، لكنه وطن حي يتطور ويصلح أخطاءه بوسائله الدستورية والمؤسساتية، أما أمثال هشام جيراندو، فسيبقون ظواهر صوتية عابرة، لا يملكون سوى الضجيج والصراخ من خلف الشاشات.
تعليقات الزوار ( 0 )