-
°C
weather
+ تابعنا

بوغطاط المغربي | رئيس حكومة متآمر بِصمته وأحزاب تأكل في بطونها نارا

كتب في 17 يونيو 2025 - 6:11 م

في سياق يتكالب فيه المتآمرون والخونة والهاربون من العدالة على الدولة من الخارج والداخل، ويُستهدف فيه الأمن القومي للمملكة في صميمه، لم نعد بحاجة إلى التذكير بمن يتربص بنا، بل إلى تسمية من يصمت. والأسوأ: من يتواطأ بالصمت.

في بلد يُفترض أن يكون لرئيس حكومته دور المحامي الأول عن السيادة، لا نرى من رئيس الحكومة الحالي، عزيز أخنوش، سوى مشهد بارد ومخجل لرجل يبدو أن السلطة التنفيذية في نظره مجرد غنيمة انتخابية ومناصب مريحة، وليس مسؤولية دستورية تُلزمه بالدفاع عن الدولة ومؤسساتها.

لقد سبق له أن خاطب المغاربة بعبارة مهينة: “المغاربة لي ناقصاهم التربية نعاودلو التربية ديالو”. لكننا لم نره يفتح فمه عندما تعرضت أعلى مؤسسات البلاد ومعها المؤسسات السيادية من أمن وقضاء ومخابرات ودبلوماسية للإهانة والتشهير والافتراء، من جهات خارجية وذباب مأجور ومجرمين إلكترونيين ولم يتخذ حتى أي إجراء قانوني في إطار تحقيق العدالة التي قال عنها سابقا أنها ليست الوحيدة المعنية بالردع.

أخنوش لم يصدر أي موقف سياسي، لا بصفته الحزبية كرئيس لحزب التجمع الوطني للأحرار، ولا بصفته رئيسا للحكومة، تجاه الحملات العدائية التي استهدفت المؤسسة الملكية، الأمن والمخابرات والقضاء والدبلوماسية. لم يُحرّك ساكنا في مواجهة الجرائم الإرهابية التي يمارسها هشام جيراندو، المحكوم في المغرب بـ15 سنة سجنا نافذا لتورطه في تكوين تنظيم إرهابي والتحريض على اغتيال مسؤولين كبار. هذا الشخص لا يزال يُبث سمومه من التراب الكندي، ويتطاول يوميا على الأمن والمخابرات والملك نفسه، دون أن يلقى أي رد سياسي من الحكومة التي تمثل المغرب قانونيا.

أما الأحزاب، فحدث ولا حرج… الأحزاب السياسية في المغرب اليوم لا تُؤطر المواطنين، ولا تُصالِحهم مع الشأن العام، ولا تُقدّم البدائل. هي فقط تأكل من المال العام، وتصمت… تصمت حين تُسبّ الدولة، ويُهان أمنها، وتُطعن سيادتها.

حزب العدالة والتنمية، بلسان أمينه العام عبد الإله بنكيران، تطاول بشكل مباشر على المؤسسة العسكرية، في خيانة سياسية خطيرة. وقد سبق أن كشفنا بالأدلة كيف تحوّلت مواقف الحزب إلى تهديد صريح للتماسك المؤسساتي، تحت ذرائع شعبوية.

أما باقي الأحزاب، فتوزعت بين عاجزة وجبانة، أو انتهازية صرفة. لا أحد من الأمناء العامين خرج بموقف واضح حين تم استهداف المؤسسة الملكية ومؤسسات البلاد بحملات مسعورة من الخارج، ولا حين نُشرَت صور وأسماء مسؤولين أمنيين من قبل إرهابيين إلكترونيين دون حماية ولا دعم سياسي لمؤسسات البلاد.

لا بلاغ حزبي واحد صدر. لا تصريح، لا مقالة ولا أي موقف. وكأننا أمام كيانات بلا روح وطنية… لكن الأهم والأخطر، أن هذه الأحزاب، لا نسائل فقط تقاعسها عن الدفاع عن المؤسسات، وإنما نسائلها أولا عن عجزها عن القيام بأبسط أدوارها القانونية والدستورية: تأطير المواطنين.

لقد وُجدت الأحزاب في كل الأنظمة الديمقراطية لتكون جسورا بين المواطن والدولة، لتشرح وتوضح وتعبئ وتفتح أفقا سياسيا يسمح للنقاش بأن يبقى في الإطار الوطني والمؤسساتي. أما أن تترك الساحة فارغة، كما هو الحال في المغرب اليوم، فذلك ما سمح لمجرمين إلكترونيين مثل هشام جيراندو وغيره بأن يملؤوا هذا الفراغ، فيطلقون العنان للأخبار الزائفة والتأثير الهدّام، ويوجهون المواطنين ضد الدولة، ويزرعون فيهم الحقد والكراهية وانعدام الثقة.

حين تنسحب الأحزاب من الشارع، ومن الإعلام، ومن الفضاء الرقمي، فإن من يملأ الفراغ ليس المواطن العادي، بل المتربص والمتآمر والمدفوع من الخارج. وبهذا المعنى، فإن صمت الأحزاب وتخليها عن دورها لا يُعتبر فقط تقاعسا، بل تواطؤًا غير مباشر في تقويض الثقة الوطنية وزعزعة المؤسسات.

في بلدان الغرب، تُعتبر المؤسسة الأمنية خطًا أحمر. الأحزاب هناك تُدافع عنها علنا حين تُستهدف. تصدر البيانات، وتخوض الحملات البرلمانية لحمايتها. في كندا نفسها، التي تمنح اليوم المأوى للإرهابي الهارب من العدالة هشام جيراندو، الاحزاب المحافظة هناك تدافع باستماتة على شرعية الدولة والمؤسسات السيادية.

لسنا هنا نطالب الأحزاب بأن تتحول إلى أبواق دعائية، ولا أن تتزلف للأجهزة، بل نطالبها فقط بالقيام بوظيفتها الأصلية التي وُجدت من أجلها. نطالبها بأن تُعِدّ الأطر السياسية والفكرية والأخلاقية داخل المجتمع، وأن تسد الفراغ الذي تركته، وأن تعيد الاعتبار للسياسة كمجال شريف، لا أن تتركه نهبا للمحتالين والمهووسين بالمؤامرة.

لكن عندما يفشل رئيس الحكومة في الدفاع عن مؤسسة هو قانونيا ممثلها أمام الخارج، وعندما تتحول الأحزاب إلى أصداف خاوية، فإن ما يتعرض له المغرب اليوم من حملات تشويه واستهداف ليس فقط عدوانا خارجيا، بل أيضا نتيجة خيانة داخلية تمارسها النخب بالصمت والتخاذل.

شارك المقال إرسال
تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .