كشفت معطيات حديثة للمرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة عن ارتفاع ملحوظ في معدل تصفية المقاولات ذات الشخصية المعنوية النشطة بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة خلال السنوات التي تلت جائحة كوفيد-19، وهو ما يعكس تحولات عميقة في البنية الاقتصادية للجهة في مرحلة ما بعد الأزمة الصحية العالمية.
ووفق التقرير الجهوي للمرصد برسم سنة 2025، الذي استند إلى بيانات المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، فقد انتقل معدل تصفية المقاولات من متوسط سنوي يبلغ حوالي 760 مقاولة قبل الجائحة، إلى ما يزيد عن 1000 مقاولة مصفاة سنويًا خلال الفترة 2022 – 2023، وهو ما يطرح أسئلة حول متانة النسيج الاقتصادي بالجهة وقدرته على مقاومة الصدمات.
في المقابل، سجلت الجهة دينامية واضحة على مستوى إحداث المقاولات الجديدة، إذ تم خلال نفس الفترة إحداث ما يقارب 8000 مقاولة ذات الشخصية المعنوية سنويًا، وهي وتيرة تركزت بشكل كبير في عمالة طنجة-أصيلة التي استأثرت لوحدها بنسبة 71.3 في المئة من مجموع المقاولات المحدثة على صعيد الجهة، ما يبرز التفاوت المجالي داخل المحيط الجهوي.
ورغم هذا الواقع المتباين، فقد سجلت جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تطورًا إيجابيًا في عدد من المؤشرات الاقتصادية الكبرى، حيث بلغ رقم معاملات المقاولات النشطة حوالي 245 مليار درهم سنة 2023، في حين تجاوزت القيمة المضافة 45.33 مليار درهم، محققة بذلك نموًا بنسبة 15.2 في المئة و13.8 في المئة على التوالي مقارنة بسنة 2022، وارتفاعًا بـ71.8 في المئة و56.2 في المئة مقارنة بسنة 2017، وهو ما يعكس انتعاشًا تدريجيًا بعد الانكماش الذي خلفته الجائحة.
وأشار التقرير إلى أن قطاع الصناعات التحويلية يظل الفاعل الاقتصادي الرئيسي بالجهة، حيث يساهم بـ52.8 في المئة من رقم المعاملات و42.3 في المئة من القيمة المضافة، بينما تستأثر المقاولات الكبرى بالحصة الأكبر، بنسبة 62.4 في المئة من رقم المعاملات و56.3 في المئة من القيمة المضافة، ما يعزز دورها المحوري في الدفع بعجلة النمو الجهوي.
كما أظهرت المعطيات أن عمالة طنجة-أصيلة تحتضن ما نسبته 57.1 في المئة من المقاولات المنخرطة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتؤمن لوحدها 74.4 في المئة من مناصب الشغل المصرح بها على صعيد الجهة، ما يبرز تركيز النشاط الاقتصادي والإنتاجي في هذا القطب الحضري والصناعي.
وتندرج هذه الإحصائيات ضمن أهداف التقارير الجهوية للمرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، الرامية إلى توفير تشخيص دقيق وشامل للنسيج المقاولاتي الجهوي، ووضع مؤشرات كمية موثوقة رهن إشارة الفاعلين العموميين والخواص قصد تطوير السياسات العمومية وتوجيه الاستثمارات نحو المناطق ذات الأولوية.
تعليقات الزوار ( 0 )