في خطوة نوعية تجسد الالتزام العملي بتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، عقد بمقر جماعة مرتيل، يوم الثلاثاء 4 نونبر 2025، اجتماع موسع خصص لتفعيل برنامج التنمية الترابية المندمجة (PDTI) أفق 2035، الذي يندرج في إطار الجيل الجديد من البرامج التنموية الهادفة إلى تحقيق العدالة المجالية وتعزيز التنمية المستدامة.
وترأس الاجتماع باشا مدينة مرتيل، السيد حسن عمراوي السعيدي، بحضور وازن شمل قواد المقاطعات، وأعضاء المجلس الجماعي، ومدير المصالح الجماعية، وممثلي مصالح الجماعة والباشوية، والمصالح الخارجية والأمن الوطني، إلى جانب فعاليات من المجتمع المدني، في تجسيد واضح لمقاربة تشاركية تعتمد على التنسيق المؤسساتي والانفتاح على مختلف الفاعلين المحليين.
الاجتماع يأتي انسجاما مع الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش في يوليوز 2025، الذي دعا فيه جلالته إلى إحداث نقلة نوعية في أساليب تدبير التنمية الترابية، حيث أكد قائلا: “لقد حان الوقت لإحداث نقلة حقيقية في التأهيل الشامل للمجالات الترابية… هدفنا أن تشمل ثمار التقدم والتنمية كل المواطنين، في جميع المناطق والجهات، دون تمييز أو إقصاء.”
- رؤية جديدة: من المقاربة التقليدية إلى التنمية المجالية المندمجة
يُعدّ هذا البرنامج بمثابة العمود الفقري للتأهيل الترابي المتكامل بعمالة المضيق-الفنيدق، إذ لا يقتصر على تأهيل البنيات التحتية الكبرى، مثل تجديد الطريق الوطنية رقم 16 (RN16) أو الطريق الرابطة بين مرتيل وأزلا، بل يتجاوزها إلى مشاريع إعادة التأهيل الحضري لأحياء “الديزة” و“الواد”، بما يعزز العدالة المجالية ويرتقي بجودة العيش اليومي للمواطنين.
وتوازي هذه المشاريع المهيكلة مبادرات اجتماعية هادفة، تشمل تطوير البنيات الصحية والتعليمية والرياضية والفنية، لضمان استفادة عادلة لكل فئات المجتمع، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي.
- بيئة مستدامة وموارد مائية مؤمنة
تولي استراتيجية التنمية المندمجة أهمية بالغة للبعد البيئي والاستدامة، من خلال الإدارة الاستباقية للموارد المائية وتجهيز الأحياء بشبكات الماء الصالح للشرب والتطهير السائل. كما سيتم توسيع استعمال المياه المعالجة في سقي المساحات الخضراء، وترسيخ مفهوم الاقتصاد في الموارد.
وتتضمن المشاريع أيضا أشغال الحماية من الفيضانات وتهيئة الفضاء الإيكولوجي للديزة والغابات الحضرية كلاميدا، لخلق “رئة خضراء” جديدة داخل النسيج الحضري لمرتيل.
- محور التشغيل والابتكار الاقتصادي
في الجانب الاقتصادي، يهدف البرنامج إلى خلق دينامية جديدة في التشغيل المحلي عبر تطوير السياحة الحضرية والبيئية، من خلال تأهيل برج مرتيل التاريخي وتهيئة الكورنيشين الشمالي والجنوبي، مع تشجيع أنماط جديدة كـ“الصيد السياحي” (Pescatourism).
كما تشمل المشاريع تهيئة أسواق القرب وتنظيم الفضاء التجاري في مدينتي مرتيل والمضيق، إلى جانب إنشاء فضاء “أنا مقاول” لدعم ريادة الأعمال، وإحداث منطقة للأنشطة الاقتصادية ومجمع للمقاولات والتكنولوجيا، بما يواكب التحول نحو اقتصاد رقمي مستدام.
وفي الإطار ذاته، يجري العمل على تطبيق مفهوم المدينة الذكية (Smart City) عبر تعميم نظام المراقبة بالكاميرات الذكية (VisionSafe City)، لتعزيز الأمن وجاذبية الاستثمار.
- نحو تنمية متوازنة ومتكاملة
يؤكد هذا الاجتماع، من خلال تعدد المشاركين وغنى المحاور التي تمت مناقشتها، أن عمالة المضيق-الفنيدق تسير بخطى ثابتة نحو تجسيد الرؤية التنموية الملكية الجديدة، عبر اعتماد جيل جديد من البرامج المندمجة القائمة على تثمين الخصوصيات المحلية وتحقيق التكامل بين المجالات الحضرية والقروية، في أفق 2035.
إنها مرحلة جديدة من التحول التنموي تجعل من مرتيل ونظيراتها في عمالة المضيق-الفنيدق نموذجا للمقاربة المجالية المتكاملة التي تراهن على الإنسان كمحور لكل السياسات العمومية.


تعليقات الزوار ( 0 )