بمجرد ما أن نشر ائتلاف “فوربيدن ستوريز” لتحقيقه حول استخدام برنامج “بيغاسوس”، اطلقت الصحافة الفرنسية العنان للتهجم على المملكة المغربية وملكها وأجهزتها الأمنية، والترويج لادعاءات لا أساس لها من الصحة.
وللإشارة، فمنذ فترة طويلة، كانت الأجهزة الأمنية المغربية وبالتحديد أحد مدراءها مستهدفا من طرف وسائل الإعلام الفرنسية وبعض المنظمات غير الحكومية، ويتعلق الأمر بعبد اللطيف حموشي، الذي كان له الفضل في تجنيب فرنسا ودول أخرى العديد من الهجمات، ما بات يزعج بعض الجهات التي تسعى بشتى الطرق تشويه صورة المسؤول الاستخباراتي المذكور ومعها المؤسسة الأمنية المغربية عموما.
وعلاوة على ذلك ، وتحت عنوان “بيغاسوس: عبد اللطيف حموشي، الجاسوس المغربي الذي يحرج فرنسا” ، قالت مجلة لوبوان الفرنسية المقربة جدا من مراكز صنع القرار بباريس بصوت عال ما يقوله المسؤولون الفرنسيون بهدوء.
الغريب في الأمر هو أن الرجل الذي بفضله تمكنت فرنسا ودول أخرى من تجنب العديد من الهجمات، بات يزعج العديد من الجهات. بل في الواقع، بل في الواقع، مغرب اليوم الذي لم يعد مغرب الأمس، هو ما يزعج نفس الجهات.
في إطار الحملة الممنهجة التي اطلقتها الصحافة الفرنسية، ومن خلال قراءة مجموعة من المقالات المنشورة في مختلف وسائل الإعلام، بدأ كل شيء حسب روايتهم بقصة خيالية عن تجسس المملكة المغربية واجهزتها الإستخباراتية على آلاف أرقام الهواتف، التابعة لصحفيين و مسؤولين كبار من المغرب وفرنسا والجزائر وأفريقيا، وذلك عن طريق برنامج إسرائيلي الصنع، يدعى “بيغاسوس”.
ورغم المطالب المتكررة والمتتالية للمغرب، لم يتم تقديم إلى غاية هذه اللحظة ولو دليل واحد ملموس يدعم الرواية التي اقتبسها ائتلاف “فوربيدن ستوريز” من نسيج خياله الخاص.
اللعبة كلها تكمن في طرح أشياء لا يمكن التحقق منها، في مواجهة طرف يتوقع منه أن يدافع عن نفسه دون أن يكون لديه الوسائل للقيام بذلك في مواجهة اتهامات خيالية. كما أن مشاركة حشد كبير من وسائل الإعلام في هذه اللعبة الكبيرة تكسب نوعا من المصداقية للتحقيق “الخيالي” الذي سوق له ائتلاف “فوربيدن ستوريز”. فالتعددية في مشاركة خبر ما أو قصة ما، هي إحدى تقنيات إثارة الجدل في الصحافة، ولكنها لا تشكل الحجة في حد ذاتها.
يبدو أنها رواية تجسس سيئة للغاية، خاصة عندما تم الفشل مسبقًا في تقديم أي دليل يدعم صحتها.
وحسب مصادر باريسية، هذه الحملة الإعلامية الفرنسية ما هي إلا عملية ممنهجة لزعزعة استقرار المغرب، عن طريق استهداف أجهزته الأمنية، التي على رأسها عبد اللطيف حموشي.
لا بد من القول أنه منذ تعيينه من قبل الملك محمد السادس على رأس أجهزة الدولة، تقدمت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بعدة خطوات على نظيراتها الغربية، لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب، حيث تمكنت مرارا وتكرارا من مساعدة الأمريكيين والروس والإسبان والفرنسيين لإحباط الهجمات الإرهابية، باستثناء الفرنسيين لم ينظروا أبدًا بشكل إيجابي إلى القدرات الاستخباراتية المغربية.
“هناك سبب وراء هذا العداء الفرنسي”، تشرح ذات المصادر. رجال عبد اللطيف حموشي تمكنوا من “تجفيف غالبية المصادر المغربية التي كانت على اتصال بالمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية”. فاليوم، مصادر الإستخبارات الفرنسية التي كانت نشطة في أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين في الرباط والدار البيضاء بالخصوص، يجمعون معلومات أقل بكثير ، لا تأثير لها على القرارات السيادية للمملكة الشريفية.
وفي ذات السياق، يشك مسؤول تنفيذي كبير سابق في المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية بشدة أن الأجهزة الفرنسية كانت وراء تسريبات “كولمان” التي استهدفت العديد من الصحفيين وكبار المسؤولين المغاربة في عملهم وخصوصيتهم. والغريب، في ذلك الوقت، أن وسائل الإعلام الفرنسية لم تجد أي خطأ ولم تأت أي منظمة لإنقاذ خصوصية المغاربة.
يذكر أن الحكومة المغربية ترفض هذه الادعاءات الزائفة، وتندد بها جملة وتفصيلا، وتؤكد عدم ارتكازها على أساس من الواقع، على غرار ما سبقها من ادعاءات مشابهة لمنظمة العفو الدولية بهذا الخصوص.
تعليقات الزوار ( 0 )