-
°C
weather
+ تابعنا

قانون مالية 2026.. أربع أولويات كبرى لرسم معالم الإقلاع التنموي الشامل بالمغرب

كتب في 19 أكتوبر 2025 - 8:24 م

يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2026 في سياق وطني ودولي دقيق، يواصل فيه المغرب ترسيخ مكانته كقوة صاعدة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، من خلال رؤية استراتيجية تجمع بين الإصلاح الهيكلي، والتنمية المجالية، وتعزيز الدولة الاجتماعية.

ويعكس هذا المشروع توجهاً حكومياً واضحاً نحو تنزيل التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بتثبيت ركائز الدولة الاجتماعية، ودعم الاستثمارات المنتجة، وتقليص الفوارق المجالية، وضمان العدالة الاجتماعية والمجالية.

كما يُنتظر أن يشكل مشروع قانون المالية 2026 لبنة جديدة في مسار التحول الاقتصادي للمملكة، عبر أربع أولويات كبرى تمثل العمود الفقري للسياسات العمومية المقبلة، وتروم تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وتحسين الخدمات الاجتماعية، وضمان استدامة التوازنات المالية.

أولا : توطيد المكتسبات الاقتصادية لتعزيز مكانة بلادنا ضمن الدول الصاعدة: من خلال تحفيز الاستثمارات الخاصة، سواء منها الوطنية أو الأجنبية، والإسراع بالتنزيل الفعال لميثاق الاستثمار، وتفعيل عرض المغرب للهيدروجين الأخضر، والتحسين المستمر لجاذبية مناخ الأعمال، وتقوية الشراكة المبتكرة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى تنويع مصادر تمويل الاقتصاد.

وسيتم إيلاء عناية خاصة للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، التي تُعتبر من أهم مصادر التشغيل في النسيج الإنتاجي الوطني، لاسيما عبر تفعيل آلية جديدة للمساعدة التقنية، والدعم المالي لاستثماراتها، لفائدة إحداث مناصب الشغل وتحقيق العدالة المجالية.

وفي نفس الإطار، سيتم تكثيف الجهود لإدماج الشباب والنساء في عالم الشغل، وكذا لتقليص آثار الجفاف على التشغيل بالمجال القروي، بالإضافة إلى مواصلة برنامج دعم مربي الماشية وإعادة تشكيل القطيع الوطني.

ثانيا : إطلاق الجيل الجديد من برامج التنمية المجالية المندمجة: من خلال التركيز على ترصيد الخصوصيات المحلية، وتعزيز الجهوية المتقدمة، وعلى مبدإ التضامن بين المجالات الترابية. وسيتم إعدادها بناء على تشاور موسع مع مختلف الفاعلين المعنيين على المستوى الترابي، مع إعطاء الأولوية لإحداث مناصب الشغل للشباب، والدعم الفعلي لقطاعات التربية والتعليم، والصحة، إضافة إلى التأهيل المجالي.

وسيتم إعطاء عناية خاصة في هذا الإطار، للمناطق الأكثر هشاشة، خاصة مناطق الجبال والواحات، وللتنمية المستدامة للسواحل الوطنية، وكذا لتوسيع نطاق البرنامج الوطني لتنمية المراكز القروية الصاعدة.

ومن جهة أخرى، وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، سيتم التركيز خلال 2026، على تعزيز المجهود الميزانياتي المخصص لقطاعي الصحة والتربية الوطنية، ليصل إلى غلاف مالي إجمالي يقدر ب140 مليار درهم، بالإضافة إلى إحداث أزيد من 27.000 منصب مالي لفائدة القطاعين.

وهكذا، وبالنسبة لقطاع الصحة سيتم التركيز على تحسين العرض الخاص بالبنيات التحتية الصحية، وذلك من خلال افتتاح المركزين الاستشفائيين الجامعيين بكل من أكادير والعيون، واستكمال أشغال بناء وتجهيز المركز الاستشفائي ابن سيناء بالرباط، ومواصلة أشغال بناء المراكز الاستشفائية الجامعية بكل من بني ملال، وكلميم، والرشيدية، إضافة إلى إطلاق عملية تأهيل وتحديث 90 مستشفى.

وبموازاة ذلك، سيتم العمل على تسريع تنزيل خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التربوية، عبر تسريع تعميم التعليم الأولي، وتعزيز خدمات دعم التمدرس، وتحسين جودة التعليم…

ثالثا : مواصلة توطيد أسس الدولة الاجتماعية: من خلال مواصلة تنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، ومواصلة تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر لفائدة 4 ملايين أسرة، مع الرفع من القيمة الشهرية لإعانات الأطفال بمبالغ تتراوح بين 50 و100 درهم لكل طفل من الأطفال الثلاثة الأوائل، مع تفعيل الإعانة الخاصة بالأطفال اليتامى والأطفال المهملين نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية.

وذلك بالإضافة إلى تفعيل باقي مرتكزات هذا الورش، لاسيما توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد، وتعميم التعويض عن فقدان الشغل، إضافة لمواصلة برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي.

رابعا : مواصلة الإصلاحات الهيكلية الكبرى والحفاظ على توازنات المالية العمومية: لاسيما من خلال إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، الذي يجسد تحولا عميقا في نموذج حكامة السياسات العمومية، ويتجه بشكل أكبر نحو المساءلة وتحقيق النتائج، إضافة إلى تكريس الالتقائية والتوطين المجالي لتدبير هذه السياسات.

كما سيتم الحرص على التسريع بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، من خلال مواصلة إعادة هيكلة المحفظة العمومية، وتحسين مردوديتها، إضافة إلى تعزيز نجاعة استثماراتها، وفق منظور للتوزيع المجالي المتوازن، إضافة إلى مواصلة إصلاح المنظومة القضائية وتحديثها، بهدف تقريب العدالة من المواطن، وتعزيز جاذبية مناخ الأعمال.

شارك المقال إرسال
تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .